بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 يوليو 2018

أول مواجهة عسكرية



تدور أحداث هذه القصة في عام (96هـ)، وكان عصر الخليفة الوليد بن عبد الملك أحد أشهر ملوك بني أمية، وقد ورث هذا الملك من والده دولة موحدة مترامية الأطراف، وكان له طموح لفتح العالم، فأرسل جيوش للمشرق والمغرب وكانت عاصمة ملكه دمشق.

فأرسل جيشاً لفتح القسطنطينية (إسطنبول) بقيادة أخيه القائد الشهير مسلمة.

وكذلك أرسل جيش بقيادة موسى وطارق وقد توغلوا في قارة أوروبا وفتحوا الأندلس.

وجيش بقيادة محمد بن القاسم الثقفي متوجهاً إلى الهند.

وجيش بقيادة قتيبة متوجهاً إلى الصين، وهذا القائد واصل فتوحاته حتى وصل إلى حدود إمبراطورية الصين.

(محمود شاكر: التاريخ الإسلامي 4/ 201 إلى 207.)


وهنا القصة كما ذكرها المؤرخون:

عندما وصل قتيبة إلى حدود مملكة الصين، كتب اليه ملك الصين أن ابعث إلينا رجلاً من أشراف من معكم يخبرنا عنكم، فاختار قتيبة من عسكره عشرة رجال وقيل: أكثر وكان رئيسهم هبيرة.

فدخل الرسل على الملك الأعظم فيهم، وهو في مدينة عظيمة، يقال: إن عليها تسعين باباً في سورها المحيط بها يقال لها خان بالق، من أعظم المدن وأكثرها ريعا ومعاملات وأموالا، حتى قيل إن بلاد الهند مع اتساعها كالشامة في ملك الصين لا يحتاجون إلى أن يسافروا في ملك غيرهم لكثرة أموالهم ومتاعهم، وغيرهم محتاج إليهم لما عندهم من المتاع والدنيا المتسعة، وسائر ملوك تلك البلاد تؤدي إلى ملك الصين الخراج، لقهره وكثرة جنده وعدده.

والمقصود أن الرسل لما دخلوا على ملك الصين وجدوا مملكة عظيمة حصينة ذات أنهار وأسواق وحسن وبهاء، فدخلوا عليه في قلعة عظيمة حصينة، بقدر مدينة كبيرة.

فلما قدموا أرسل إليهم ملك الصين يدعوهم، فدخلوا الحمام، ثم خرجوا فلبسوا ثياباً بياضاً، ثم تطيبوا وتدخنوا، ولبسوا النعال، ودخلوا عليه وعنده عظماء أهل مملكته، فجلسوا، فلم يكلمهم الملك ولا أحد من جلسائه فنهضوا.

فقال الملك لمن حضره: كيف رأيتم هؤلاء؟

قالوا: رأينا قوماً كأنهم نساء.

فلما كان الغد أرسل إليهم فلبسوا لبسهم والعمائم، وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم: ارجعوا.

فقال لأصحابه: كيف رأيتم هذه الهيئة؟

قالوا: هذه الهيئة أشبه بهيئة الرجال من تلك الأولى.

فلما كان اليوم الثالث أرسل إليهم فشدوا عليهم سلاحهم، ولبسوا لبس الحرب، وتقلدوا السيوف، وأخذوا الرماح، وتنكبوا القسي، وركبوا خيولهم، وغدوا فنظر إليهم ملك الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة، فلما دنوا ركزوا رماحهم، ثم أقبلوا نحوهم مشمرين.

فقيل لهم قبل أن يدخلوا: ارجعوا.

فانصرفوا فركبوا خيولهم، واختلجوا رماحهم، ثم دفعوا خيولهم كأنهم يتطاردون بها، فعجب أهل الصين منهم.

فقال الملك لأصحابه: كيف ترونهم؟

قالوا: ما رأينا مثل هؤلاء قط.

فلما أمسى أرسل إليهم الملك، أن ابعثوا إلى زعيمكم وأفضلكم رجلاً فبعثوا إليه هبيرة.

فقال ملك الصين له حين دخل عليه: قد رأيتم عظيم ملكي، وإنه ليس أحد يمنعكم مني، وأنتم في بلادي، وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم.

قال هبيرة: أسأل.

قال ملك الصين: لم صنعتم ما صنعتم من الزي في اليوم الأول والثاني والثالث؟

قال هبيرة: أما زينا الأول فلباسنا في أهالينا، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا، وأما اليوم الثالث فزينا لعدونا.

قال ملك الصين: ما أحسن ما دبرتم دهركم! فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له: ينصرف، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه.

قال هبيرة: كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون؟ وكيف يكون حريصاً من خلف الدنيا قادرا عليها وغزاك؟ وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالا إذا حضرت فأكرمها القتل، فلسنا نكرهه ولا نخافه.

قال ملك الصين: فما الذي يرضي صاحبك؟

قال هبيرة: إنه قد أقسم ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويعطى الجزية.

قال ملك الصين: فإنا نخرجه من قسمة نبعث اليه بتراب من تراب أرضنا فيطؤه، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها.

فدعا بصحاف من ذهب فيها تراب، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجازهم فأحسن جوائزهم، فساروا فقدموا بما بعث به.

فقبل قتيبة الجزية، وختم الغلمان وردهم، ووطيء التراب.

وتم الصلح بينهما.
___________________________________________________

الطبري (ت:310
هـ): تاريخ الأمم والملوك: 4/ 31-32 / ابن كثير (ت: 774هـ): البداية والنهاية 9/ 161-162 / ابن خلدون (ت: 808هـ): تاريخ ابن خلدون 3/85.

الإسكندر وملكة الصين



ذكرت في القصة الأولى أنه هناك عدة أشخاص يحملون اسم الإسكندر.

وكذلك أن الاسم هو بالأصل لقب، وربما يكون صاحب هذه القصة هو نفسه صاحب القصة الأولى وربما يكون شخصية رابعة تحمل اسم الإسكندر.

وهنا القصة كما ذكرها المؤرخون:

لما سار الإسكندر في الأرض، وفتح البلاد سمعت به ملكة الصين، فأحضرت من أبصر صورة الإسكندر، ممن يعرف التصوير، وأمرتهم أن يصوروا صورته، في جميع الصنائع، خوفاً منه، فصوروه في البسط والأواني والرقوم، ثم أمرت بوضع ما صنعوه بين يديها، وصارت تنظر لذلك، حتى أثبتت معرفته، فلما قدم عليها الإسكندر ونازل بلدها.

قال الاسكندر لوزيره الخضر يوماً: قد خطر لي شيء أقوله لك.

قال الخضر: وما هو؟

قال الإسكندر: أريد أن أدخل هذه البلدة متنكراً، وانظر كيف يعمل فيها؟

قال الخضر: افعل ما بدا لك.

فلما دخلها الإسكندر، نظرت إليه الملكة من حصنها، فعرفته بالصور التي عندها، فأمرت بإحضاره، فلما مثل بين يديها، أمرت به فوضع في مطمورة (مكان مغطى)، لا يعرف الليل فيها من النهار، فبقي فيها ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب، حتى كادت قوته أن تسقط، واختبط عسكره لأجل غيبته، والخضر يسكنهم ويسليهم.

فلما كان اليوم الرابع، مدت ملكة الصين سماطاً نحو مائة ذراع، ووضعت فيه أواني الذهب والفضة والبلور، وملأت أواني الذهب باللؤلؤ والزبرجد، وأواني الفضة بالدر والياقوت الأحمر والأصفر، وأواني البلور بالذهب والفضة، وما في ذلك شيء يؤكل، إلا أنه مال لا يعلم قدره إلا الله تعالى.

وأمرت فوضع في أسفل السماط، صحن فيه رغيف من خبز البر وشربة من الماء، وأمرت بإخراج الإسكندر، وأجلسته على رأس السماط، فنظر إليه فأبهره ذلك! وأخذت تلك الجواهر ببصره ولم ير فيه شيئا للأكل، ثم نظر فرأى في أدنى السماط إناء فيه طعام، فقام من مكانه ومشى إليه وجلس عنده، وسمى وأكل، فلما فرغ من أكله، شرب من الماء كفايته، ثم حمد الله تعالى وقام وجلس مكانه أولاً، فخرجت عليه.

فقالت له الملكة: يا سلطان بعد ثلاثة أيام أما صد عنك هذا الذهب والفضة والجوهر سلطان الجوع؟ وقد أغناك عن هذا كله ما قيمته درهم واحد؟ فمالك والتعرض إلى أموال الناس، وأنت بهذه المثابة؟

فقال لها الإسكندر: لك بلادك وأموالك، ولا بأس عليك بعد اليوم.

فقالت له الملكة: أما إذا فعلت هذا فإنك لا تخسر، ثم إنها قدمت له جميع ما كانت قد أحضرته، وكان شيئاً يحير الناظر، ويذهل الخاطر، ومن المواشي شيئاً كثيراً. فنزل إلى عسكره، وقبل هديتها ورحل عنها.

وذكر غيره أنه كان في الهدية ثلاثمائة فيل، وأنه دعاها إلى الله تعالى فآمنت وآمن أهل مملكتها.
_________________________________________

الدميري (ت: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى 2/ 311-312.

الكناشة الصينية


من يقرأ التاريخ يجد تقارب بين بعض الحضارات خاصة اذا كانت متجاورة، ونادر أن يكون هذا التقارب إذا كانت متباعدة، و من يقرأ تاريخ الحضارات  يجد أن أقرب  الحضارات إلى حضارتنا العريقة هي الحضارة الصينية، وأقصد بما قدموا للإنسانية من حضارة راقية، وكذلك ما  أبدعوا من اختراعات وكذلك ما خطته  أنامل حكمائهم، وما اشتهر به حكامهم من العدل والإنصاف، وكذلك في تطور التجارة وفي الكشوفات والعلاقات الدولية والتي قامت على الإحترام والوفاء بالعهود وغيرها مما يطول ذكره.

وقد دونت عن الحضارة الصينية عدة تدوينات، وبعضها تطور إلى كتاب وأولها ولله الحمد والفضل كتابي " الحضارة الصينية في التراث العربي " وكتب قادمة بإذن ربنا المعين عن الحضارة الصينية العريقة:-


1- الصين والصينيون (هذة التدوينةهي البذرة لكتابي):

2- المصادر والمراجع لكتاب الحضارة الصينية في التراث العربي
https://bin-swauid.blogspot.com/2017/03/blog-post.html


3- ما نقلة أهل الندلس عن الحضارة الصين:
https://bin-swauid.blogspot.com/2017/02/blog-post_13.html

4- الأسكندر وملك الصين:

https://bin-swauid.blogspot.com/2015/08/blog-post_13.html


5- الإسكندر وملكة الصين:
6- وفاء وزير:

7- بين ملك الصين وكسرى الفرس:
https://bin-swauid.blogspot.com/2014/06/blog-post_16.html


8- أول مواجهة عسكرية:
9- ألاً يلبَسَ ثوباً أحمرَ إلا متظلمٌ !!!

10- سعد الخير البلنسي الاندلسي الصيني (الإمام الرحالة):

11- أول من ذكر شاي في تراثنا:

12- أربعة من الملوك اجتمعوا فقالوا كلّهم كلمة واحدة كأنّها رمية بسهم!

13- ولم تزل أمور الصين مستقيمة فى العدل على حسب ما جرى به الأمر فيما سلف من ملوكهم الى سنة 264هـ
https://bin-swauid.blogspot.com/2017/03/264.html



14- الرحالة الأديب أبو دلف مسعر بن المهلهل الخزرجى:
https://bin-swauid.blogspot.com/2016/04/blog-post_34.html

15- " فيا بعد ما بينهما!" قال الرحالة ابن بطوطة بعدما قابل أخوين احدهما في الصين والآخر في السودان. ابن بطوطة

16- الإمبراطور تاي تسونغ من أعظم أباطرة الصين على مر التاريخ:

17- مذكرات أسير صيني في الكوفة (القرن الثاني الهجري):

18- الحضارة الصينية لها سبق في العديد من العلوم والاكتشافات العلمية:

19- آثار العرب ومآثرهم في الصين عبر التاريخ - علي لي تشين تشونغ:

20- البحار المسلم الصيني والذي سبق كولومبوس وماجلان وفاسكو ديجاما وكوك:

الأربعاء، 11 يوليو 2018

القصة في الأدب الصيني


بتاريخ: 15 - 10 - 1934

تناولت مجلة الأخبار الأدبية (نوفيل لترير) في عددها الأخير ذكر كتاب صدر أخيراً في باريس بالفرنسية عن (القصة الصينية) بقلم كاتب صيني هو مسيو (أواتاي). والقصة الصينية حديثة النشأة؛ وكانت القصة حتى عصرنا تعتبر في الأوساط الأدبية الصينية ضربا من العبث؛ وكان التاريخ والشعر والفلسفة وحدها تعتبر خليقة بجهود العلماء وذوي الذوق الحسن. 

أما كتابة الحوادث والمغامرات الخيالية، فقد كانت تعتبر خفة لا تليق برزانة العلم والأدب، وكانت تترك لصغار الكتاب والمتأدبين.

أما اليوم فان الأدب الصيني يقتفي أثر الآداب الغربية في تقدير القصة ويتجه إليها، ويخرج في ميدانها أثاراً شائقة جديرة بالاهتمام.


على أن ما أخرج الأدب الصيني في ميدان القصة في القرن الماضي ليس مما يخلق إغفاله والحط من شأنه.

صحيح انه لم يصل في السعة والتنوع إلى ما وصل إليه القصص الغربي، ولكنا نستطيع أن نحصى منه مع ذلك كثيراً من الآثار الشائقة الجميلة.

وقد ظهرت بعض هذه الآثار في أوربا مترجمة إلى الألمانية والفرنسية والإنكليزية، فاستطاع العالم الغربي أن يقف على صفوة الأدب القصصي الصيني. . .




ويقول مسيو (أواتاي) في مقدمته إن القصة الصينية ترجع في أصلها إلى الحكايات والأساطير الدينية.

ففي العصور الغابرة كان الشعب يشهد ظواهر الطبيعة الخارقة فلا يستطيع أن يدرك كنها ويعتقد أنها فوق مقدرة البشر، ثم يحاول أن يفسرها ويفهمها في شروح وأقوال غدت أصل الأساطير الصينية، ومن ثم تجيء أهمية عنصر السحر في القصة الصينية.

وقصص السحر هي أقدم وأغرب ما في الأدب الصيني من عنصر القصص، ثم تجيء بعد ذلك القصة التاريخية أو التي تقوم على بعض حوادث التاريخ، ثم القصة العاطفية، ثم القصص الإباحى؛ وقد كان هذا النوع مما يطارد ويحرق، ولكن نجا منه الكثير.


ومن أحب القصص إلى الذوق الصيني، ذلك الذي يعالج (المعرفة) وتعرض فيه المعلومات والمعارف الغربية، في صور قوية واضحة من البيان والعبارات الرشيقة.

وللقصص الساخرة مكانة أيضاً، ولكن معظمها سياسي، ويرمي إلى بث دعوة معينة.

أما قصص المغامرات الشائقة والحب والبطولة فقد ظهرت حديثاً ولم تتقدم إلا في القرن التاسع عشر؛ ومنها آثار خطيرة فياضة بالمخاطرات والعجائب.

وقد كان هذا التراث كله مغموراً حتى هذا العصر، ولكن الجيل الفتى يقبل عليه اليوم ويستكشفه، ويتذوق ما فيه من كنوز الطرافة والخيال والجمال.


بل لقد أنشئت في الجامعات الصينية دراسات للقصص القديم، وهو ما لم يكن يتصور منذ خمسين عاماً.


_______________________________________

مجلة الرسالة العدد 67 

الثلاثاء، 10 يوليو 2018

دائرة المعارف الصينية


العدد 90 - بتاريخ: 1 - 7 - 1914


أول دائرة معارف مشهورة في أوروبا كتبها في القرن العاشر للمسيح ألفيلسوف ألفارابي في بغداد ولا تزال محفوظة في مكتبة قصر الأسكوربال الإسباني.

وقيل أن أبا ألفرج كتب دائرة وطبع أول مجلد منها منذ 672م سنة.

أما أول من فكر بتأليف دائرة معارف فالصينيون.

وقد اشتغل منهم بهذا المشروع العلمي العظيم ألفان من العلماء.

واسم دائرة معارفهم (بنك لوتانيان) وهي مقسومة إلى 23 ألف جزء في 11 ألف مجلد مجموعها 917 ألفاً و48 صفحة.

وإذا وضعنا الكتب صفاً بعضها فوق بعض يبلغ علوها 159 يارداً وبالطبع لا يوجد في الصين نفسها إلا نسخات قليلة كاملة من هذا الكتاب الهائل.

أما أول دائرة معارف إنكليزية فطبعت عام 1620م.

والفرنسية ألفها ديدرو ودالمبر اللذان قربت كتاباتهما عهد الثورة الكبرى في فرنسا.

أما الدائرة العربية فقام بها مرة واحدة بطرس البستاني وطبع منها هو وأسرته 11 جزءً فقط ولم تكمل.

__________________________________

مجلة المقتبس  

غدائر الصينيين


العدد 16 - بتاريخ: 15 - 5 - 1907


كان الصينيون يفاخرون بذوائبهم المسدلة على ظهورهم حتى دخلت بلادهم المدينة الحديثة فشرعوا يجزونها.

ولهذا التبديل نتائج اقتصادية واجتماعية خطيرة الشأن فإن الصيني كان يصرف على هندمة شعره خمس عشرة دقيقة في اليوم على الأقل وإذا حسبنا إن الرجل يجب إن يدفع للمزين خمسة سانتيمات على الأقل عرفنا المبلغ الكبير الذي يقتصده الصينيون بالإقلاع عن تلك العادة.

ثم إن الذوائب تخلق الثوب الذي تسدل عليه فتقل مدة بقائه عشرة في المائة فإذا وفر الصيني على الوجه عشرين سانتيماً في السنة اقتصدت الأمة نحو مائة مليون فرنك سنوياً نضيف إليها ثمن أوقات الهندمة ونفقاتها فيبلغ المجموع بضع مئات ملايين من الفرنكات.

فجز الغدائر في الصين عمل اجتماعي اقتصادي تربح البلاد منه أرباحا طائلة.



المصدر: مجلة المقتبس 

الخميس، 5 يوليو 2018

ذِكْرُ حَادِثَةٍ غَرِيبَةٍ بِالْأَنْدَلُسِ



ذِكْرُ حَادِثَةٍ غَرِيبَةٍ بِالْأَنْدَلُسِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ، أَمِيرُ الْأَنْدَلُسِ لِهِشَامٍ الْمُؤَيَّدِ عَسْكَرًا إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ لِلْغَزَاةِ، فَنَالُوا مِنْهُمْ وَغَنِمُوا، وَأَوْغَلُوا فِي دِيَارِهِمْ، وَأَسَرُوا غَرْسِيَّةَ، وَهُوَ مَلِكٌ لِلْفِرِنْجِ ابْنُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ يُقَالُ لَهُ شَانْجَةُ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مُلُوكِهِمْ وَأَمْنَعِهِمْ،.


وَكَانَ مِنَ الْقَدَرِ أَنَّ شَاعِرًا لِلْمَنْصُورِ، يُقَالُ لَهُ أَبُو الْعَلَاءِ صَاعِدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّبَعِيُّ، قَدْ قَصَدَهُ مِنْ بِلَادِ الْمَوْصِلِ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ وَامْتَدَحَهُ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ أَهْدَى أَبُو الْعَلَاءِ إِلَى الْمَنْصُورِ أُيَّلًا. وَكَتَبَ مَعَهُ أَبْيَاتًا مِنْهَا:
يَا حِرْزَ كُلِّ مُخَوَّفٍ وَأَمَانَ كُلِّ ... مُشَرَّدٍ وَمُعِزَّ كُلِّ مُذَلَّلِ
جَدْوَاكَ إِنْ تُخْصَصْ بِهِ فَلِأَهْلِهِ ... وَتَعُمُّ بِالْإِحْسَانِ كُلَّ مُؤَمِّلِ
(يَقُولُ فِيهَا) :
مَوْلَايَ مُؤْنِسَ غُرْبَتِي، مُتَخَطِّفِي ... مِنْ ظُفْرِ أَيَّامِي، مُمَنِّعَ مَعْقِلِي
عَبْدٌ رَفَعْتَ بِضَبْعِهِ، وَغَرَسْتَهُ ... فِي نِعْمَةٍ أَهْدَى إِلَيْكَ بِأَيَّلِ
سَمَّيْتُهُ غَرْسِيَّةَ، وَبَعَثْتُهُ ... فِي حَبْلِهِ لِيُتَاحَ فِيهِ تَفَاؤُلِي
فَلَئِنْ قَبِلْتَ، فَتِلْكَ أَسْنَى نِعْمَةٍ ... أَسْدَى بِهَا ذُو نِعْمَةٍ وَتَطَوُّلِ

فَسَمَّى هَذَا الشَّاعِرُ الْأَيَّلَ غَرْسِيَّةَ تُفَاؤُلًا بِأَسَرِ ذَلِكَ غَرْسِيَّةَ، فَكَانَ أَسْرُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَهْدَى فِيهِ الْأَيَّلَ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الِاتِّفَاقِ مَا أَعْجَبَهُ.

___________________________________

عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ): الكامل في التاريخ 7 / 472-473

السلطان عبدالحميد الثاني يعزل بسمارك



ومما يحكى عن السلطان عبدالحميد الثاني رحمه الله تعالى أنه هو الذي اقترح على غليوم إيمبراطور ألمانيا التخلص من داهية السياسة بسمارك المشهور.



وذلك أن الإيمبراطور غليوم لما زار استانبول في المرة الأولى تحدث مع السلطان عبد الحميد عن نفوذ بسمارك في أوربا.
فقال له السلطان: أنا لا أحب أن يكون خادمي قوي النفوذ كهذا، أترغب جلالتكم أن ترى كيف أعامل خدمي؟ 
فقال غليوم: نعم. 
وحينئذ لمس السلطان الجرس المنبّه. 
ولما دخل الحاجب قال له: ادع كاملا (وكان كامل يومئذ صدرا أعظم) فأرسل الحاجب الخيّالة يبحثون عن كامل باشا فأحضروه، ولما دخل إلى المثول بين يدي السلطانين وقف مطرقا برأسه إلى الأرض مكتوف اليدين كأنه واقف في صفوف المصلين، فلم يلتفت إليه السلطان. 
وبعد برهة من الزمن قال له: لا لزوم للانتظار فالمسألة بسيطة. 
فسلّم الصدر سلام الخلافة وذهب ماشيا القهقرى حتى غاب عن نظر العاهلين. 

وقد انتبه الإيمبراطور غليوم إلى ما كان يراه من وزيره بسمارك من التوسع في الحرية حين مقابلته ومحادثته، فعزله عن وظيفته وحرم منه ذلك الدهاء الذي كان سياجا لسلطانه وملكه.

_________________________________


نهر الذهب في تاريخ حلب 3 / 387 
للغزي (المتوفى: 1351هـ)


بسمارك (1815-1895) صاحب مقولة: “لقد وزع الذكاء و الدهاء في العالم على هذه الشاكلة، 95% للسلطان عبد الحميد و 4% لي و 1% لبقية رجال السياسة”.

https://ar-ar.facebook.com/Turkey.Ottomany/photos/يقول-السياسي-الالماني-الشه�/775126972656101/