تدور أحداث هذة القصة قبل 2800 سنة تقريباً عن أشهر تبابعة اليمن شمر يرتعش بن أفريقيس.
وتُبع لقب لملك اليمن، كقيصر لملك الروم، وكسرى لملك الفرس، وخاقان لملك الترك، والنجاشي لملك الحبشة، وبطليوس لملك اليونان، والقطنون لملك اليهود، وهذا في القديم ثم صار يقال له رأس الجالوت، ونمرود لملك الصابئة، ودهمي لملك الهند، وقور لملك السند، ويعبور لملك الصين، وذو يزن وغيره من الأذواء لملك حمير، وهياج لملك الزنج، وزنبيل لملك الخزر، وشاه أرمن لملك أخلاط، وكابل لملك النوبة، والأفشين لملك فرغانة وأسروسنة، وفرعون لملك مصر، والعزيز لمن ضم إليها الإسكندرية، وجالوت لملك العمالقة ثم البربر، والنعمان لملك العرب من قبل الفرس. <ابن حجر العسقلاني (ت: 852هـ): فتح الباري>
و يذكر أهل التاريخ أن شمر يرتعش غزا الكثير من بلاد العالم واتجه في آخر الأمر إلى أهل الصين بجيوش جرارة.
وهنا القصة كما ذكرها المؤرخون :-
خرج شمر بن افريقيس بن أبرهة في خمس مائة ألف مقاتل إلى أرض الصين، فلما قارب بلادهم بلغ ذلك ملك الصين، فجمع وزراءه فاستشارهم…
وقال: قد أقبل هذا الأعرابي ولا طاقة لنا به، فماذا ترون؟
فأتى كل واحد منهم برأي، وبقي واحد منهم لا يتكلم، فقال: ما تقول؟
فقال: أرى أنْ تظهر الغضب عليّ وتجدع أنفي وتأخذ دوري وضياعي وأملاكي ودوابي وعبيدي، حتى يعلم الناس بذلك!!!
فكره ذلك ملك الصين لعظم حال ذلك الوزير عنده، فلم يعذر ذلك الوزير حتى ساعده، وفعل به ما أشار عليه به، فخرج الوزير هارباً من الصين حتى انتهى إلى شمر يرعش ، فدخل عليه، وقال: إني أتيتك مستجيراً!
قال شمر: ممن؟
قال: من ملك الصين لأني كنت رجلاً من خاصة وزرائه وإنه جمعنا لما بلغه مسيرك إليه فاستشارنا فأشار القوم جميعاً عليه بمحاربتك وخالفتهم في رأيهم وأشرت عليه أن يعطيك الطاعة ويحمل إليك الخراج، فاتهمني وقال: قد مالأت ملك العرب، وكان منه إليّ ما ترى ولم آمنه مع ذلك أن يقتلني فخرجت هارباً إليك.
ففرح به شمر وأنزله معه في رحله وأوعده من نفسه خيراً، فلما أصبح وأراد أن يرحل قال لذلك الرجل: كيف علمك بالطريق؟
قال: أنا من أعلم الناس به.
قال: فكم بيننا وبين الماء؟
قال: مسيرة ثلاثة أيام وأنا موردك يوم الرابع على الماء، فأمر جنوده بالرحيل ونادى فيهم أن لا تحملوا من الماء إلا لثلاثة أيام، ثم سار في جنوده والرجل بين يديه، فلما كان يوم الرابع انقطع بهم الماء واشتد الحر.
فقال: لا ماء وإنما كان ذلك مكرٌ مني لأدفعك بنفسي عن ملكي!
فأمر به فضربت عنقه.
وهناك روايتان في شأن نهاية شمر:
الأولى : أنه مات وكثير من جنوده في الفخ الذي وضعهم فيه هذا الوزير الوفي الذي ضحى بنفسه لإجل ملكه وشعبه.
والرواية الثانية: أن شمر بعد هذه الحادث تراجع عن غزو الصين بسبب أنه فقد الكثير من جنوده ورجع إلى اليمن.
________________________________
ذكر هذة القصة العجيبة في الوفاء والتضحية الأديب إبراهيم البيهقي أحد أدباء بغداد في القرن الرابع الهجري في كتابة " المحاسن والمساوئ ".
وكذلك ذكرها الأديب اليمني نشوان الحميري أحد أدباء ومؤرخي اليمن في القرن السادس الهجري في كتابة " خلاصة السير الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق