بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 يوليو 2018

الإسكندر وملكة الصين



ذكرت في القصة الأولى أنه هناك عدة أشخاص يحملون اسم الإسكندر.

وكذلك أن الاسم هو بالأصل لقب، وربما يكون صاحب هذه القصة هو نفسه صاحب القصة الأولى وربما يكون شخصية رابعة تحمل اسم الإسكندر.

وهنا القصة كما ذكرها المؤرخون:

لما سار الإسكندر في الأرض، وفتح البلاد سمعت به ملكة الصين، فأحضرت من أبصر صورة الإسكندر، ممن يعرف التصوير، وأمرتهم أن يصوروا صورته، في جميع الصنائع، خوفاً منه، فصوروه في البسط والأواني والرقوم، ثم أمرت بوضع ما صنعوه بين يديها، وصارت تنظر لذلك، حتى أثبتت معرفته، فلما قدم عليها الإسكندر ونازل بلدها.

قال الاسكندر لوزيره الخضر يوماً: قد خطر لي شيء أقوله لك.

قال الخضر: وما هو؟

قال الإسكندر: أريد أن أدخل هذه البلدة متنكراً، وانظر كيف يعمل فيها؟

قال الخضر: افعل ما بدا لك.

فلما دخلها الإسكندر، نظرت إليه الملكة من حصنها، فعرفته بالصور التي عندها، فأمرت بإحضاره، فلما مثل بين يديها، أمرت به فوضع في مطمورة (مكان مغطى)، لا يعرف الليل فيها من النهار، فبقي فيها ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب، حتى كادت قوته أن تسقط، واختبط عسكره لأجل غيبته، والخضر يسكنهم ويسليهم.

فلما كان اليوم الرابع، مدت ملكة الصين سماطاً نحو مائة ذراع، ووضعت فيه أواني الذهب والفضة والبلور، وملأت أواني الذهب باللؤلؤ والزبرجد، وأواني الفضة بالدر والياقوت الأحمر والأصفر، وأواني البلور بالذهب والفضة، وما في ذلك شيء يؤكل، إلا أنه مال لا يعلم قدره إلا الله تعالى.

وأمرت فوضع في أسفل السماط، صحن فيه رغيف من خبز البر وشربة من الماء، وأمرت بإخراج الإسكندر، وأجلسته على رأس السماط، فنظر إليه فأبهره ذلك! وأخذت تلك الجواهر ببصره ولم ير فيه شيئا للأكل، ثم نظر فرأى في أدنى السماط إناء فيه طعام، فقام من مكانه ومشى إليه وجلس عنده، وسمى وأكل، فلما فرغ من أكله، شرب من الماء كفايته، ثم حمد الله تعالى وقام وجلس مكانه أولاً، فخرجت عليه.

فقالت له الملكة: يا سلطان بعد ثلاثة أيام أما صد عنك هذا الذهب والفضة والجوهر سلطان الجوع؟ وقد أغناك عن هذا كله ما قيمته درهم واحد؟ فمالك والتعرض إلى أموال الناس، وأنت بهذه المثابة؟

فقال لها الإسكندر: لك بلادك وأموالك، ولا بأس عليك بعد اليوم.

فقالت له الملكة: أما إذا فعلت هذا فإنك لا تخسر، ثم إنها قدمت له جميع ما كانت قد أحضرته، وكان شيئاً يحير الناظر، ويذهل الخاطر، ومن المواشي شيئاً كثيراً. فنزل إلى عسكره، وقبل هديتها ورحل عنها.

وذكر غيره أنه كان في الهدية ثلاثمائة فيل، وأنه دعاها إلى الله تعالى فآمنت وآمن أهل مملكتها.
_________________________________________

الدميري (ت: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى 2/ 311-312.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق