وممن أفسد الصديق بحرمته فأقام الكلب بنصرته، انه كان للحارث بن صعصعة ندمان لا يفارقهم، شديد المحبة لهم فبعث أحدهم بزوجته فراسلها، وكان للحارث كلبٌ ربّاه.
فخرج الحارث في بعض متنزَّهاته ومعه ندماؤه، وخلَّف عنهُ ذلك الرجل.
فلما بعد الحارث عن منزله، جاء نديمه إلى زوجته، فأقام عندها يأكل ويشرب فلما سكرا واضّطجعا ورأى الكلب أنه قد صار على بطنها وثب الكلب عليهما فقتلهما.
فلما رجع الحارث إلى منزله ونظر إليهما عرف ووقف ندماؤه على ذلك وأنشأ يقول:
ومازال يرعى ذِمَّتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخونُ
فوا عجبا للخلِّ يهتك حُرمتي ... ويا عجباً للكلب كيف يصونُ
قال وهجر من كان يعاشره واتّخذ كلبه نديما وصاحباً فتحدث به العرب وأنشأ يقول:
فلَلكلبُ خيرٌ من خليل يخونني ... وينكِحُ عِرسي بعد وقتِ رحيلي
سأجعلُ كلبي ما حييتُ منادِمي ... وأمنحُه وُدِّي وصفوَ خليلي
________________________
المراجع:
ابن المرزبان (المتوفى: 309 هـ)
التنوخي (المتوفى: 384هـ): نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة.
ابن الجوزي (المتوفى: 597هـ): كتاب الأذكياء.
أبو الفداء (المتوفى: 1127هـ): روح البيان.
كمال الدين الدميري (المتوفى: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى.
الأبشيهي أبو الفتح (المتوفى: 852هـ): المستطرف في كل فن مستطرف.
يوسف بن عبد الهادي (المتوفى: 909 هـ): الاغتراب في أحكام الكلاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق