خرج عبد الله بن جعفر إِلَى ضَيْعَةٍ لَهُ فَنَزَلَ عَلَى نَخِيلِ قَوْمٍ وَفِيهِ غُلَامٌ أَسْوَدُ يَعْمَلُ فِيهِ.
إِذْ أَتَى الْغُلَامُ بِقُوتِهِ فَدَخَلَ الْحَائِطَ كَلْبٌ وَدَنَا مِنَ الْغُلَامِ فَرَمَى إِلَيْهِ الْغُلَامُ بِقُرْصٍ فَأَكَلَهُ ثُمَّ رَمَى إِلَيْهِ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ فَأَكَلَهُ.
وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: يَا غُلَامُ كَمْ قُوتُكَ كُلَّ يَوْمٍ؟
قَالَ: مَا رَأَيْتَ.
قَالَ: فَلِمَ آثَرْتَ بِهِ هَذَا الْكَلْبَ!
قَالَ: مَا هِيَ بِأَرْضِ كِلَابٍ إِنَّهُ جَاءَ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ جَائِعًا فَكَرِهْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَهُوَ جَائِعٌ.
قَالَ: فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ الْيَوْمَ.
قَالَ: أَطْوِي يَوْمِي هَذَا.
فبكى عبد الله بن جعفر وقَالَ: أُلَامُ عَلَى السَّخَاءِ إِنَّ هَذَا الْغُلَامَ لَأَسْخَى مِنِّي فَاشْتَرَى الْحَائِطَ وَالْغُلَامَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْآلَاتِ فَأَعْتَقَ الْغُلَامَ وَوَهَبَهُ مِنْهُ.
فقال الغلام: إن كان ذلك لي فهو في سبيل الله تعالى، فاستعظم عبد الله ذلك منه، فقال: يجود هذا وأبخل أنا؟ لا كان ذلك أبدا.
(أبو حامد الغزالي (المتوفى: 505هـ): إحياء علوم الدين.
الطرطوشي المالكي (المتوفى: 520هـ): سراج الملوك .
سبط ابن الجوزي (المتوفى: 654هـ): مرآة الزمان في تواريخ الأعيان .
كمال الدين الدميري (المتوفى: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى .
الأبشيهي أبو الفتح (المتوفى: 852هـ): المستطرف في كل فن مستطرف.)
وكذلك تروى نفس القصة عن ابن عمة الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ .
(الخطيب البغدادي (المتوفى: 463هـ): تاريخ بغداد 6 / 522.
ابن منظور (المتوفى: 711هـ): مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر.)
وعن الإمام محمد بن واسع.
(ابن حمدون (المتوفى: 562هـ): التذكرة الحمدونية.
الزمخشري (المتوفي: 583 هـ): ربيع الأبرار ونصوص الأخيار.)
وفي مناقب الإمام أحمد، أنه بلغه أن رجلا من وراء النهر عنده أحاديث ثلاثية، فرحل الإمام أحمد إليه، فوجد شيخا يطعم كلبا، فسلم عليه فرد عليه السلام، ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب، فوجد الإمام في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه، فلما فرغ الشيخ من طعمة الكلب، التفت إلى الإمام أحمد، وقال له: كأنك وجدت في نفسك، إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك؟
قال: نعم.
فقال الشيخ: حدثني أبو الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله منه رجاءه يوم القيامة فلم يلج الجنة» .
وأرضنا هذه ليست بأرض كلاب، وقد قصدني هذا الكلب، فخفت أن أقطع رجاءه فيقطع الله رجائي منه يوم القيامة.
فقال الإمام أحمد: هذا الحديث يكفيني ثم رجع.
(كمال الدين الدميري (المتوفى: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى .
الأبشيهي أبو الفتح (المتوفى: 852هـ): المستطرف في كل فن مستطرف .
يوسف بن عبد الهادي (المتوفى: 909 هـ): الاغتراب في أحكام الكلاب .)
قال بعضهم: جئت الى مالك بن دينار وهو قاعد وحده وإذا كلب قد وضع حنكه على ركبته.
فذهبت أطرده.
فقال: دعه يا هذا؛ هذا لا يضر ولا يؤذي، وهو خير من جليس السوء.
قال:
لكلب الناس إن فكّرت فيه ... أضر عليك من كلب الكلاب
لأن الكلب لا يؤذي جليسا ... وأنت الدهر من ذا في عذاب
(أبو حامد الغزالي (المتوفى: 505هـ): إحياء علوم الدين.
الزمخشري (المتوفي: 583 هـ): ربيع الأبرار ونصوص الأخيار.
كمال الدين الدميري (المتوفى: 808هـ): حياة الحيوان الكبرى.
يوسف بن عبد الهادي (المتوفى: 909 هـ): الاغتراب في أحكام الكلاب.)
كَانَ يمشي بعض أَصْحَاب الإمام إبراهيم الفيروزآبادي مَعَه فِي طَرِيق فَعرض لَهما كلب.
فَقَالَ الْفَقِيه: لذَلِك الْكَلْب اخْسَأْ وزجره.
فَنَهَاهُ الشَّيْخ وَقَالَ: لم طردته عَن الطَّرِيق أما علمت أَن الطَّرِيق بيني وَبَينه مُشْتَرك.
(تاج الدين السبكي (المتوفى: 771هـ): طبقات الشافعية الكبرى.
القزويني (المتوفى: 682هـ): آثار البلاد وأخبار العباد .)
مر الشَّيْخ أَحْمد الرِّفَاعِي على دَار الطَّعَام فَرَأى الْكلاب يَأْكُلُون التَّمْر من القوصرة وهم يتحارشون فَوقف على الْبَاب لِئَلَّا يدْخل إِلَيْهِم أحد يؤذيهم.
(تاج الدين السبكي (المتوفى: 771هـ): طبقات الشافعية الكبرى.)
مر الإمام مجد الدّين بن دَقِيق الْعِيد فَرَأى كلبةً قد ولدت وَمَاتَتْ.
فقال لتلميذة تَقِيّ الدّين عبد الْملك الأرمنتي: يَا تقيُّ هَات هَذِه السجَّادة فَحمل الجراء وَجعلهَا فِي مَكَان قريب ورتَّب لَهَا لَبَنًا يسقيها حتَّى كَبرت وَذكر لَهُ وقائع من هَذَا النَّوْع.
(صلاح الدين الصفدي (المتوفى: 764هـ): الوافي بالوفيات.)
أبي صادق مرشد المدينيّ المالكيّ المحدّث.
كان فيه حنة على الحيوانات لا سيما على القطط والكلاب، وكان مشارف الجامع وجعل عليه جاريا من الغدد كلّ يوم لأجل القطط، وكان عند داره بزقاق الأقفال من مصر كلاب يطعمها ويسقيها، وربما تبع دابته منها شيء يمشي معه في الأسواق.
قال الشريف محمد بن أسعد الجوّانيّ النسابة في كتاب النقط على الخطط: حدّثني الشيخ منجب غلام أبي صادق قال: كان لمولاي الشيخ أبي صادق كلب لا يفارقه أبدا، إذا كان راكبا يمشي خلفه، فإذا وقفت بغلته قام تحت يديها، فإذا رآه الناس قالوا هذا أبو صادق وكلبه.
وحدّثني قال: ولدت كلبة في مستوقد حمّام، وكان المؤذن يأتي خلف مولاي سحرا كل يوم لقراءة المصحف، وكان مولاي يأخذ في كمه كلّ يوم رغيفا، فإذا حاذى موضع الكلبة قلع طيلسانه وقطع الخبز للكلبة ويرمي لها بنفسه إلى أن تأكل، ثم يستدعي الوقاد ويعطيه قيراطا ويقول له: اغسل قدحها واملأه ماء حلوا، ويستحلفه على ذلك.
فلما كبر أولادها صار يأخذ بعد رغيفين إلى أن كبروا وتفرّقوا.
وحدّثني قال: كان قد جعل كراء حانوت برسم القطاط بالجامع العتيق من الأحباس، وكان يؤتي بالغدد مقطعة، فيجلس ويقسم عليها، وإن قطة كانت تحمل شيئا من ذلك وتمضي به، وفعلت ذلك مرارا، فقال مولاي للشيخ أبي الحسن بن فرج امض خلف هذه القطة وانظر إلى أين تؤدّي ذلك، فمضى ابن فرج فإذا بها تؤدّيه إلى أولادها، فعاد إليه وأخبره، فكان بعد ذلك يقطع غددا صغارا على قدر مساغ القطط الصغار، وغددا كبار للكبار، ويرسل بجزء الصغار إليهم إلى أن كبروا.
(تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ): المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار.)
قال الشيخ تاج الدين ابن السبكي في الترشيح: كنت يوماً في دهليز دارنا في جماعة فمر بنا كلب يقطر ماء يكاد يمس ثيابنا فنهرته وقلت يا كلب يا ابن الكلب.
وإذا بالشيخ الإمام يعني والده الشيخ تقي الدين السبكي يسمعنا من داخل فلما خرج قال : لم شتمته ؟
فقلت: ما قلت إلا حقاً أليس هو بكلب ابن كلب ؟
فقال: هو كذلك إلا أنك أخرجت الكلام في مخرج الشتم والإهانة ولا ينبغي ذلك.
فقلت: هذه فائدة لا ينادي مخلوق بصفته إذا لم يخرج الإهانة هذا لفظة في الترشيح.
(جلال الدين السيوطي (المتوفى : 911هـ): الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإعراب وسائر الفنون )