قال المسعودي: وقد وصفت الحكماء والملوك البزاة، وأغربت في الوصف، وأطنبت في المدح، فقال خاقان ملك الترك: البازي شجاع مريد مؤبد.
وقال كسرى أنوشروان:البازي رفيق يحسن الإشارة الاناة ولا يؤخر الفرص إذا أمكنت.
وقال قيصر: البازي ملك كريم، إن احتاج أخذ وإن استغنى ترك.
وقالت الفلاسفة: حسبك من البازي سرعة في الطلب وقوة على الرزق وفي السمو إذا طالت قوادمه وبعد ما بين منكبيه فذلك أبعد لغايته وأخف لسرعته، ألا ترى إلى الصقور لا تزداد في غاياتها إلا بعداً وسرعة وقوة على التكرار، وذلك لطول قوادمها مع كثافة أجسامها، وإنما قصرت غاية البازي لقصر جناحيه ورقة جسمه، فإذا طالت به الغاية أخره ذلك حتى تشتد نفسه، ولا تؤتى الجوارح إلا من قصر القوادم، ألا ترى أن الدراج والسمان والحجل وأشباهها حين قصرت قوادمها، كيف قصرت غاياتها؟
وقال أرستجانس: البازي طير عاري الحجاب، وما يفوته في كسوره يزيده في أخمصه ورجليه، وهو أضعف الطير جسماً، وأقواها قلباً وأشجعها، وذلك لفضله على سائر الطير بالجزء الذي فيه من الحرارة التي ليست في شيء منها، ووجدنا صدورها منسوجة بالعصب لا لحم عليها.
وقال جالينوس مؤيداً لما ذهب اليه أرستجانس: إن البازي لا يتخذ وكراً إلا في شجرة لفَّاء مشتبكة بالشوك مختلفة الحجون بين شجر عسيٍ خشن طلباً للكنّ ودفعها لألم الحر والبرد، فإذا أراد أن يفرخ بنى لنفسه بيتاً وسقفه تسقيفاً لا يصل إليه منه مطر ولا ثلج إشفاقاً على نفسه وفراخه من البرد والضر.
__________________________
أبو الحسن المسعودي (المتوفى: 346هـ): مروج الذهب ومعادن الجوهر 1/ 211 - 212 - دار الهجرة - تاريخ النشر: 1409هـ.
__________________________
أبو الحسن المسعودي (المتوفى: 346هـ): مروج الذهب ومعادن الجوهر 1/ 211 - 212 - دار الهجرة - تاريخ النشر: 1409هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق