الملك المؤيد المنصور غياث الدين بلبن السلطان الصالح كان من الأتراك الفراخطائية، جلب في صغر سنه إلى بغداد فاشتراه الشيخ جال الدين البصري سنة ثلاثين وستمائة وأتى به إلى الهند، فاشترى منه السلطان شمس الدين الإيلتمش فرباه في مهد السلطنة وزوجه بابنته، فتدرج إلى الإمارة وجعل أمير شكار في عهد رضية بنت الإيلتمش ومير آخور في عهد بهرام شاه وأمير حاجب في عهد علاء الدين مسعود سنة اثنتين وأربعين وستمائة، ونال الوزارة الجليلة في عهد ناصر الدين محمود بن الإيلتمش في سنة أربع وأربعين وستمائة فاستقل بها عشرين سنة، ولما مات محمود سنة أربع وستين وستمائة قام بالملك واستقل به عشرين سنة أخرى.
وكان من خيار السلاطين عادلاً فاضلاً حليماً كريماً، بذل جهده في تعمير البلاد وسد الثغور ورفع المظالم والإحسان إلى كافة الخلق، وكان في ذلك على قدم السلطان شمس الدين الإيلتمش، وكان محباً لأهل العلم محسناً إليهم، يتردد في كل أسبوع بعد صلاة الجمعة إلى بيوت الشيخ برهان الدين البلخي، والشيخ سراج الدين السجزي، والشيخ نجم الدين الدمشقي فيحظى بصحبتهم، ويتردد إلى مقابر الأولياء فيزورها، ويتردد إلى مجالس التذكير ويقعد بها كآحاد من الناس، ويداوم على الصلاة بالجماعة والصيام فرضاً كان أو نافلة، ويداوم على صلاة الإشراق والضحى والتهجد، وكان لا يداهن في العدل والقضاء ولا يسامح أحداً ولو كان من ذوي قرابته.
قال الشيخ محمد بن بطوطة المغربي الرحالة في كتابه: إنه بنى داراً وسماها دار الأمن فمن دخلها من أهل الديون قضى دينه، ومن دخلها خائفاً أمن، ومن دخلها وقد قتل أحداً أرضى عنه أولياء المقتول، ومن دخلها من ذوي الجنايات أرضى من يطلبه، وبتلك الدار دفن- انتهى، وكلت وفاته سنة ست وثمانين وستمائة بدار الملك دهلي.
____________________________________________________
نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر 1/ 332-333-334
المؤلف : عبد الحي الحسني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق