انني أقول هذا بينما ترقد أنت نائما" وقد وضعت يدك الصغيرة تحت خدك , وقد إلتصقت خصلات شعرك الأشقر بجبهتك الرطبة ,
لقد تسللت الى حجرتك وحدي , فمنذ دقائق قليلة كنت جالسا" أتصفح أوراقي في المكتبة , وسيطرت علي موجة من الندم فجئت الى جوارك شاعرا" بالذنب ….....
واليك يابني ما كنت أفكر فيه ….. لقد كنت حاد" معك , وعنفتك عندما كنت تلبس ملابس المدرسة , لأنك :
مسحت وجهك بالمنشفة مسحا" خفيفا" ...
وأستأت من عدم تنظيفك للحذاء ...
وصحت غضبا" حينما ألقيت ببعض الأشياء على الأرض ...
وعند الإفطار تصيدت الأخطاء لك أيضا" :
فقد أوقعت بعض الأشياء ,, ولم يعجبك طعامك ,, ووضعت كوعك على المنضدة ,, ووضعت طبقة سميكة من الزبد على خبزك ...
وبينما كنت تشرع في اللعب تحركت أنا لألحق بالقطار واستدرت أنت الى ولوحت بيدك قائلا " :
مع السلامة ...
فما كان مني الا أن عبست في وجهك ورددت قائلا" :
أرفع كتفك !!!
ثم بدأت الكرة من جديد في آواخر الظهيرة ,,, فعندما ظهرت الطريق لمحتك تجلس على ركبتيك تلعب البلى ,,, وكان هناك ثقوب في جوربك ,,, فأهنتك أمام أصدقائك باقتيادك أمامي الى المنزل ,,, فقد كانت الجوارب غالية ,,, ولو اشتريتها لكنت أكثر حرصا" عليها !!!
تخيل هذا يا بني من أب !!!
هل تتذكر - بعد ذلك - عندما كنت أقرأ في المكتبة كيف أتيت لي بعد أن أصبحت رجلا" ,,, وقد بدت على عينيك نظرة حزينة بعض الشيء ؟؟؟
وعندما رفعت رأسي أنظر اليك وأنا أشعر بالضجر من هذه المقاطعة ,,, وجدتك تتردد على الباب ,,, فقلت لك بحدة :
ماذا تريد ؟؟؟ …..
فأجبت : بأنك لا تريد شيئا" , ولكنك جريت نحوي سريعا" ,,, وألقيت ذراعيك نحو عنقي وقبلتني ,,, وأحكمت ذراعيك الصغيرتين بمحبة زرعها الله في قلبك ,,, ولم تذبل بسبب اهمالي لك ,,, ثم ذهبت بعد ذلك وصعدت السلم …........
حسنا" يابني ;
لم يمر وقت طويل بعد هذا الا ووجدت الورقة التي أقرؤها قد انزلقت من بين يدي ,,, وقد سيطر علي شعور رهيب بالخوف أثار إشمئزازي ,,, ماذا فعلت بي تلك العادة ؟؟؟
عادة تصيد الأخطاء والتعنيف ,,, فقد كانت هذة مكافأتي لكونك صبيا" ,,, ولم يكن هذا لأنني لم أكن أحبك ,,, وانما لأنني كنت أنتظر الكثير منك ,,, وكنت أقيمك بمقياس البالغين !!!
وقد كان هناك أشياء كثيرة جيدة وجميلة في شخصيتك ,,, فقلبك الصغير كالفجر يطل على التلال الواسعة ,,, وقد ظهر هذا واضحا" في اندفاعك التلقائي نحوي وتقبيلك لي قبل النوم …....
لا شيء آخر يهمني الليلة يا بني ,,, لقد جئت الى جوارك في الظلام جالسا" على ركبتي وأنا أشعر بالخجل من نفسي …....
وهذا تكفير بسيط ؟؟؟
وأنا أعلم أنك لن تفهم هذة الأشياء لو أخبرتك بها وأنت مستيقظ ,,, ولكني سوف أكون أبا" حقيقيا" :
وسوف أصدقك …
وأعاني عندما تعاني …
وأضحك عندما تضحك …
وسوف أعض على لساني عندما تلح علي كلمات الضجر …
وسأضل أقول لنفسي كما لو كان هذا نوعا" من الطقوس :
<< أنة مجرد صبي >> .
انني أخشى من أنني كنت أنظر اليك كرجل ,,, ولكنني -وأنا أنظر اليك الآن يابني وأنت ترقد منهكا" على سريرك الصغير- أراك ما زلت رضيعا" ,,, والبارحة كنت بين ذراعي أمك ورأسك على كتفها …..
لقد طلبت منك الكثير …..... الكثير …...................
____________________________________
المصدر : كيف تؤثر على الآخرين وتكتسب الأصدقاء , للمؤلف ديل كارنيجي
الطبعة الثانية مكتبة جرير ص : 18-19-20