بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 مايو 2013

الأب يغفر (من أروع المقالات في العصر الحديث) و. ليفينجستون. لارند


أصغ الي يابني ;
انني أقول هذا بينما ترقد أنت نائما" وقد وضعت يدك الصغيرة تحت خدك , وقد إلتصقت خصلات شعرك الأشقر بجبهتك الرطبة ,
لقد تسللت الى حجرتك وحدي , فمنذ دقائق قليلة كنت جالسا" أتصفح أوراقي في المكتبة , وسيطرت علي موجة من الندم فجئت الى جوارك شاعرا"  بالذنب ….....


واليك يابني ما كنت أفكر فيه …..  لقد كنت حاد" معك , وعنفتك عندما كنت تلبس ملابس المدرسة , لأنك :
مسحت وجهك بالمنشفة مسحا" خفيفا" ...
وأستأت من عدم تنظيفك للحذاء ...
وصحت غضبا" حينما ألقيت ببعض الأشياء على الأرض ...
وعند الإفطار تصيدت الأخطاء لك أيضا" :
فقد أوقعت بعض الأشياء ,, ولم يعجبك طعامك ,, ووضعت كوعك على المنضدة ,, ووضعت طبقة سميكة من الزبد على خبزك ...
وبينما كنت تشرع في اللعب تحركت أنا لألحق بالقطار واستدرت أنت الى ولوحت بيدك قائلا " :
مع السلامة ...
فما كان مني الا  أن عبست في وجهك ورددت قائلا" :
أرفع كتفك !!!


ثم بدأت الكرة من جديد في آواخر الظهيرة ,,, فعندما  ظهرت الطريق لمحتك تجلس على ركبتيك تلعب البلى ,,, وكان هناك ثقوب في جوربك ,,, فأهنتك أمام أصدقائك باقتيادك أمامي الى المنزل ,,, فقد كانت الجوارب غالية ,,, ولو اشتريتها لكنت أكثر حرصا" عليها !!!
تخيل هذا يا بني من أب !!!


هل تتذكر - بعد ذلك - عندما كنت أقرأ في المكتبة كيف أتيت لي بعد أن أصبحت رجلا" ,,, وقد بدت على عينيك نظرة حزينة بعض الشيء ؟؟؟
وعندما رفعت رأسي أنظر اليك وأنا أشعر بالضجر من هذه المقاطعة ,,, وجدتك تتردد على الباب ,,, فقلت لك بحدة :
ماذا تريد ؟؟؟ …..
فأجبت : بأنك لا تريد شيئا" , ولكنك جريت نحوي سريعا" ,,, وألقيت ذراعيك نحو عنقي وقبلتني ,,, وأحكمت ذراعيك  الصغيرتين بمحبة زرعها الله في قلبك ,,, ولم تذبل بسبب اهمالي لك ,,, ثم ذهبت  بعد ذلك وصعدت السلم …........


حسنا" يابني ;
لم يمر وقت طويل بعد هذا الا ووجدت الورقة التي أقرؤها قد انزلقت من بين يدي ,,, وقد سيطر علي شعور رهيب بالخوف أثار إشمئزازي ,,, ماذا فعلت بي تلك العادة ؟؟؟
عادة تصيد الأخطاء والتعنيف ,,, فقد كانت هذة مكافأتي لكونك صبيا" ,,, ولم  يكن هذا لأنني لم أكن أحبك ,,, وانما لأنني كنت أنتظر الكثير منك ,,, وكنت أقيمك بمقياس البالغين !!!


وقد كان هناك أشياء كثيرة جيدة وجميلة في شخصيتك ,,, فقلبك الصغير كالفجر يطل على التلال الواسعة ,,, وقد ظهر هذا واضحا"  في اندفاعك التلقائي نحوي وتقبيلك لي قبل النوم …....
لا شيء آخر يهمني الليلة يا بني ,,, لقد جئت الى جوارك في الظلام جالسا" على ركبتي وأنا أشعر بالخجل من نفسي …....
وهذا تكفير بسيط ؟؟؟
وأنا أعلم أنك لن تفهم هذة الأشياء لو أخبرتك بها وأنت مستيقظ ,,, ولكني سوف أكون أبا" حقيقيا" :
وسوف أصدقك …
وأعاني عندما تعاني …
وأضحك عندما تضحك …
وسوف أعض على لساني عندما تلح علي كلمات الضجر …
وسأضل أقول لنفسي كما لو كان هذا نوعا" من الطقوس :
<< أنة مجرد صبي >> .

انني أخشى من أنني كنت أنظر اليك كرجل ,,, ولكنني -وأنا أنظر اليك الآن يابني وأنت ترقد منهكا" على سريرك الصغير- أراك ما زلت رضيعا" ,,, والبارحة كنت بين ذراعي أمك ورأسك على كتفها …..
لقد طلبت منك الكثير …..... الكثير …...................


____________________________________


المصدر : كيف تؤثر على الآخرين وتكتسب الأصدقاء ,  للمؤلف ديل كارنيجي

الطبعة الثانية مكتبة جرير ص : 18-19-20

الخميس، 9 مايو 2013

سبب تأليف الشيخ العلامة السعدي رحمه الله تعالى لرسالة "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"


قال محمد بن العلامة عبدالرحمن السعدي في كتاب "مواقف اجتماعية من حياة الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى " ص129 :

ومن الأشياء التي تذكر في هذا الموضوع أن الأطباء طلبوا الى الوالد وهو في فترة العلاج عدم القراءة أو الكتابة , لأن ذلك يتطلب اشغال الفكر وبذل الجهد , وهذا يؤثر على صحته ويؤخر شفاءه من المرض .
ولما كان الوالد في المستشفى اطلعت في احدى المكتبات على كتاب بعنوان "دع القلق وابدأ الحياة" للمؤلف الأمريكي "ديل كارنيجي" , وهو مدير معهد تدريب بأمريكا , فأعجبت به فقررت شراءه واهداءه للوالد , فقرأ الكتاب كاملا" وأعجب به أيضا" وبمؤلفه وقال : انه رجل منصف .
وكان للوالد صديق عزيز عليه من أهل عنيزة وهو يعاني من مرض نفسي , وله سنين في بيروت يعالج من هذا المرض ولم تتحسن صحته , فقام الوالد وأهدى له هذا الكتاب "ده القلق وابدأ الحياة" , وقال له : أقرأ الكتاب فهو مفيد جدا" .
ومن العجيب أن هذا الصديق بعدما قرأ الكتاب تأثر بنا فية وتحسنت صحته وذهب ما به من عوارض صحية , وطاب من مرضة الذي يعاني منه . وقد أمرني الوالد بشراء نسخة ثانية من هذا الكتاب لكي يودعة في مكتبة عنيزة التي أنشأها رحمه الله , فقمت بشراء الكتاب وأعطيته للوالد , ولما رجع الوالد وضع الكتاب في المكتبة , وتمت اعارته الى كثير من طلبة الوالد المشهورين .
أرسل الوالد أبوعبود الى سوق عالية وقال له : اشتر أوراقا" وأقلاما" . وكان في نية الوالد تأليف رسالة على ضوء كتاب "دع القلق وابدأ الححياة" , وهي صغيرة الحجم كبيرة المعنى عظيمة النفع , وقد سماها "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" , وهي تهدف الى تحقيق السعادة للانسان بالطرق الشرعية , وعلاج الاكتئاب والامراض النفسية المختلفة , ولله الحمد والمنة , فقد طبع من هذه الرساله في حياته وبعد مماته عشرات الطبعات لم نتمكن من حصر مجموعها , وقد وصل عدد المطبوع منها في واحدة من الطبعات أكثر من خمسين ألف نسخة وزعت بالمجان عن طريق جمعيات سعودية تعنى بالطب النفسي , ولا زال الطلب عليها متكررا من داخل المملكة وخارجها , وققد أشتهرت هذة الرسالة وذاع صيتها , وهذا والله أعلم من حسن قصد مؤلفها رحمه الله .
ومن باب الاستطراد فنحن ورثه الشيخ عبدالرحمن السعدي نفسح المجال لمن يريد طباعة كتب الوالد بدون مقابل , لكن بعد أخذ الاذن الخطي منا , والتأكد من ضبط الكتاب وعدم التصحيف أو التحريف أو الزيادة أو النقصان . ا.ه

+ رسالة قيمة ياليتها في كل بيت مسلم , وأنصح من له قدرة أن يشتري نسخ عديدة ويهديها لأقاربة وأصدقائه وتوزيعها في الأماكن العامة .

وهذا الكتاب بصيغة pdf و word ( توجد لغات عدة) :
http://www.islamhouse.com/p/2113

الوسائل المفيدة للحياة السعيدة [ قراءة صوتية ] :
http://www.islamhouse.com/p/68879

الأربعاء، 8 مايو 2013

تقويم اللسان :



¤¤ تقويم اللسان :-


أي أخي ، لا شك أن النحو أشرف العلوم ، من ناله نال فضلا عظيما ، وخيرا" جزيلا" ، وهل يفهم الكتاب والسنة إلا بفهم النحو ؟! .

¤ قال الشافعي - رحمه الله - :(( اللسان الذي اختاره الله -عزوجل- لسان العرب ، فأنزل به كتابه العزيز ، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد -صلى الله عليه وسلم- ؛ ولهذا نقول : ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها ؛ لأنها اللسان الأولى )) .

وقال أيضا :
(( يجب على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما يبلغه جهده في أداء فرضه )) .

¤ وقال الماوردي -رحمه الله- :(( ومعرفة لسان العرب فرض على كل مسلم ومسلمة من مجتهد وغيره )) .


¤ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- :
(( واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق ، والدين تأثيرا" قويا" ، ويؤثر -أيضا- في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد في العقل ، والدين والخلق ، وأيضا" فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، لأن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب )) .

وقال -أيضا"- :(( وكان السلف يؤدبون أولادهم على اللحن ، فنحن مأمورون -أمر إيجاب أو أمر استحباب- أن نحفظ القانون العربي ، ونصلح الألسنة المائلة عنه ، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة ، والاقتداء بالعرب في خطابها ، فلو ترك الناس على لحنهم كان نقصا" وعيبا")) .

¤ قال ابن بسام :
فلا تعد إصلاح اللسان ؛ فإنه
                               يخبر    عما     عنده    ويبين
ويعجبني زي الفتى وجماله
                               ويسقط    من عيني  ساعة   يلحن
على أن للإعراب حدا" ، وربما
                                 سمعت من الإعراب ماليس يحسن
ولا خير في اللفظ الكريه سماعه
                                ولا في  قبيح  الظن  بالفعل أحصن


¤ وقال عبدالملك بن مروان :
(( اللحن في الكلام أقبح من الجدري في الوجه )) .

وأوصى بعض بنيه ، فقال :(( يابني ، أصلحوا ألسنتكم ؛ فإن الرجل تنوبه النائبة ، فيتجمل فيها ، فيستعير من أخيه دابته ، ومن صديقه ثوبه ، ولا يجد من يعيره لسانه )) .


¤ قال الشاعر :
إني وإن كانت أثوابي ملفقة"
                                      ليست بخز ولا من نسج كتان
فإن في المجد هماتي وفي لغتي
                                      فصاحة"   ولساني  غير  لحان


¤ قال ابن فارس -رحمه الله- :
(( من العلوم الجليلة التي اختصت بها العرب الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام ، ولولاه ماميز فاعل من مفعول ، ولا مضاف من منعوت ، ولا تعجب من استفهام ، ولا صدر من مصدور ، ولا نعت من تأكيد )) .

وقال -أيضا"- :(( وقد كان الناس قديما يجتنبون اللحن فيما يكتبون أو يقرءونه اجتنابهم بعض الذنوب ، فأما الآن فقد تجاوزوا ، حتى إن المحدث يحدث فيلحن ، والفقية يؤلف فيلحن ، فإذا نبها قالا : ماندري ما الإعراب ، وإنا محدثون وفقهاء ، فهما يسران بما يساء به اللبيب ، ولقد كلمت بعض من يذهب بنفسه ، ويراها من فقه الشافعي بالرتبة العليا في القياس ، فقلت : ما حقيقة القياس ومعناه ؟ ، ومن أي شيئ هو ؟ ، فقال : ليس على هذا ، وإنما على إقامة الدليل على صحته .
فقل لي الآن في رجل يروم إقامة الدليل على صحة شيئ لا يعرف معناه ، ولا يدري ماهو ، ونعوذ بالله من سوء الاختيار )) .


¤ قال الأخ عبدالكريم العماد :
النحو مفتاح العلوم وفهمه
                            يكفي العقول مشقة" وعناء
فافهمه واحرص أن تنال زمامه
                            يجعل طريقك للعلوم ضياء


¤ وقال أبو هلال العسكري :
(( علم العربية على ما تسمع من خاص ما يحتاج إليه الإنسان لجماله في دنياه ، وكمال آلته في علوم دينه ، وعلى تقدم العالم فيه وتأخره يكون رجحانه ونقصانه إذا ناظر أو صنف ، ومعلوم أن من يطلب الترسل ، وقرض الشعر ، وعمل الخطب والمقامات ، كان محتاجا -لا محالة- إلى التوسع في علوم اللغة العربية )) .¤

قال الشاعر :
النحو يصلح من لسان الألكن
                                 والمرء تكرمه إذا لم يلحن
وإذا طلب من العلوم أجلها
                                فأجلها  نفعا مقيم الألسن


¤ قال حماد بن سلمة :
(( من طلب الحديث ، ولم يتعلم النحو -أو قال العربية- فهو كمثل الحمار ، تعلق عليه مخلاة فيها شعير )) .


¤ قال الشاعر :
الذي ملأ اللغات محاسنا"
                           جعل الجمال وسره في الضاد



¤ - وقد يقول قائل : إن العامية ضرورة لا زمة لمخاطبة الناس على قدر عقولهم ؟

والجواب عليه :
+ قال الدكتور فتحي جمعة أستاذ العلوم اللغوية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة -حفظه الله- :
(( إن المخاطبة على قدر العقول لا تعني تبذل اللغة ، أو هبوط الكلام ، وانحرافه عن سنن الفصحى ، وإنما تعني الابتعاد عن تعقيد الفكرة ، والتقعر في اللغة [ أي تعمد اختيار الصعب من التركيب والغريب الوحشي من الكلام ] .
أما الجنوح إلى العامية بدعوى إفهام العوام ، فإن لم يكن مداراة للعجز عن الفصحى ، وقصر الباع في استعمالها ، فهو ادعاء يظلم الفصحى و العوام في وقت معا" ، يظلم الفصحى بأنها غير مفهومة ، ووالله إنها لمفهومة ، ويظلم العوام بأنهم لا يفهمون ، وتالله إنهم ليفهمون ، وإلا كيف يخشعون للقرآن ، ويتأثرون ببالغ الموعظة ، وجميل البيان ؟ ! )) ا . هـ .

¤ قال الشاعر :
من فاته النحو فذاك الأخرس
                               وفهمه في كل يوم مفلس
وقدره بين الورى موضوع
                               وإن  يناظر  فهو المقطوع
لا يهتدي لحكمة في الذكر
                           وما له من غامض من فكر


¤ ومن اللطائف : ما ذكره ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه << الحمقى والمغفلين>> :
أن رجلا" قال لرجل آخر ، لقد فهمت النحو كله ما عدا ثلاث مسائل ، قال : ما هي ؟ ، قال : قول الرجل : أبو ، وأبا ، وأبي ، فقال المسئول : أبو تستخدم للرجل السمين ، وأبا للرجل المتوسط ، وأبي للرجل النحيف ! .


¤ قال الشاعر اللغوي محمد الخضر حسين -رحمه الله- :

لغة قد عقد الدين لها
                        ذمة"  يكلؤها كل  البشر
أو لم تنسج على منوالها
                        كلم التنزيل في أرقى سور
يا لقومي لوفاء إن من
                        نكث العهد أتى إحدى الكبر
فأقيموا الوجه في إحيائها
                        وتلافوا  عقد ما كان  انتشر



¤ وأخيرا" قال شاعر النيل محمد حافظ إبراهيم متحدثا بلسان حال اللغة العربية ، مبينا" مأساتها :
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
                                  وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقم في الشباب وليتني
                                   عقمت فلم أجزع  لقول عداتي
ولدت ولما لم أجد لعرائسي
                                   رجالا"  وأكفاء"  وأدت  بناتي
وسعت كتاب الله لفظا" وغاية"
                                   وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
                                   وتنسيق    أسماء    لمخترعات ؟!
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
                                   فهل سألوا الغواص عن صدفاتي ؟
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني
                                   ومنكم  وإن  عز  الدواء   أساتي
فلا تكلوني للزمان فإنني
                                   أخاف  عليكم  أن  تحين  وفاتي
أيطربكم من جانب الغرب ناعب
                                   ينادي  بوأدي في  ربيع حياتي ؟!
سقى الله في بطن الجزيرة أعظما
                                   يعز  عليها    أن  تلين   قناتي
حفظن ودادي في البلى وحفظته
                                  لهن   بقلب  دائم    الحسرات
وفاخرت أهل الغرب والشرق مطرق
                                  حياء  بتلك  الأعظم   النخرات
أرى كل يوم بالجرائد مزلقا"
                                  من   القبر  يدنيني   بغير   أناة
أيهجرني قومي -عفا الله عنهم-
                                 إلى   لغة   لم   تتصل     برواة
سرت لوثة الإعجام فيها كما سرى
                                 لعاب الأفاعي  في مسيل فرات
فجاءت كثوب ضم سبعين رقعة"
                                مشكلة    الألوان     مختلفات

___________________________________
¤¤ المصدر :
(فن الحوار /ص 98_104 .
(تأليف أبي عبدالله الحاشدي)

سيد التابعين يزوج بنته بأربع دراهم !!!!


أما المنقبة الثانية للعلماء والناس , وهي درس اجتماعي لو حفظه الآباء لما بقى في البيت بنت كاسدة , ولما بقى في البلد شاب فاسق .

واسمعوا القصة :

نحن في المدينة , وفي المدينة شيء لا ندري ماهو ؟ ان الناس قد خرجوا الى الطريق , والنساء قد أطللن من شقوق النوافذ , انهم يرقبون شيئا" , تعالوا نسأل ماذا هنا ؟


ان الناس يرتقبون موكب رسول الخليفة , المندوب الخاص لعبدالملك , قادما" بمهمة لا يعرف الناس ما هي , فهم يتخرصون ويحزرون .
لقد وصل الموكب , وأسرع الى المسجد , والمسجد هو مجمع كل أمر جلل , فيه تكون البيعة , وفيه يستقبل الأمير , وفيه تلتقي الوفود , وفيه يكون القاضي وتجرى المحاكمات , وفيه تلقى الدروس ويؤخذ العلم , فهو البرلمان وهو القصر وهو المحكمة وهو الجامعة .

وأقبل الرسول حتى وقف على حلقة سعيد , فأبلغة سلام أمير المؤمنين , وأنة قادم يخطب الية ابنته , للوليد ولي عهد المسلمين , وغبط الناس سعيدا" على هذة النعمة , التي نزلت عليه وعلى هذا التشريف الذي نالة , وعلى الدنيا التي سيقت اليه , بنته زوجة الوليد ولي عهد المسلمين اليوم , وأمير المؤمنين غدا" , وسيد البلاد الاسلامية كلها .

وارتقبوا أن يهش سعيد ويبش , ويطير فرحا" بهذة النعمة , ولكن موازين الناس غير ميزان سعيد , ميزانة ميزان الشرع , الناس يفتشون عن المال والجاه , ولكن سعيدا" يفتش لابنته عن السعادة الزوجية , عن الخلق والدين , عن الطهر والفضيلة , وماذا تفيده دنيا الوليد , ان مهرت ابنته بهذه الدنيا دينها ؟.
ان الرجل الدين الحسم الخلق الفقير , خير للمرأة من ابن امير المؤمنين , لان هذا يكون لها وحدها وذاك تشركها فيه الزوجات والجواري ومن تدرى ومن لا تدرى ...

واذا كان لك عبد مخلص , يحبك ويشكر فضلك , ويطيع أمرك , وأرسلته بأمانة ليدفعها الى زيد فأعطاها عمر" , هل تكون راضيا" ؟

كذلك أنت أيها الأب .

انك عبدالله , والبنت أمانة عندك , وقد أمرك أن تعطيها لمن يماثلك في مسلكه ومشربه , ويرضيك دينه وخلقه , فان رفضته وبحثت عن الغنى . أو جعلت بنتك سلعة تباع , فقد أسخطت ربك وآذيت بنتك .
وهل البنت فرس أو نعجة حتى تباع لمن يدفع فيها الثمن الأكبر ؟ وماذا يفيدك كثرة المهر . والزواج اذا كان موفقا" كان لها ماله وله مالها , وان لم يكن موفقا" لم ينفع البنت ما أخذت من مال .
فكر سعيد في هذا كله في لحظات . والرسول واقف ينتظر جةابه , ولا يشك في أنه جواب الموافقة ولا شك الناس .

واذا سعيد يقول : لا .
لا ! انة رفض أن يعطي ابنته لأمير المؤمنين .
ومرت أيام , وكان له تلميذ اسمه ابوداعة متين الدين , رضى الخلق , انقطع عن الدرس , ثم جاء فسألة فقال : مرضت زوجتي فمرضتها وعنيتبها , ثم توفيت فدفنتها .
فقال : هل تزوجت غيرها .
قال : ومن يزوجني ولا أملك الا أربعة دراهم ؟ فمن يزوجني بأربعة دراهم ؟ قال سعيد : أنا .

هل سمعتم يا أيها السادة , سعيد الذي رفض ابن أمير المؤمنين , الذي يملك ما بين البحر الأطلنطي وجبال الصين , يزوج أبا وداعة لا يملك الا أربعة دراهم .
وشدة الرجل وكذب أذنة وعقدت لسانة ... وحسب نفسه في منام ولكن سعيدا" دعا بالشهود وعقد العقد . وذهب الرجل الى داره وهو لا يزال في حمى الدهشة , وقدم عشاءه خبزا" وزيتا" واذا بالباب يقرع .
قال : من ؟ .. قال : سعيد .
قال أبو وداعة : ومر على بالي كل سعيد في الدنيا الا سعيد بن المسيب , لأنة لم يطرق باب أحد من أربعين سنة , ولا رئي الا بين بيته والمسجد .
ففتح له فقال : كرهت أن يسألني الله عن وحدتك ولك زوجة , فجئت بها , ودفع العروس .
هكذا ! بلا حفلات ولا عرس ولا جهاز !قال : رحمك الله , ألا انتظرت حتى أحصل مالا" وأعد للعروس عدة .
قال : أما قلت : ان معك أربعة دراهم !
أربعة دراهم ! فعلام الحفلات ؟ وهل الزواج رباط بين روحين , وصلة بين قلبين وبيت يضم اثنين أو هو معرض أثاث وثياب , ومنافر كرم واكتساب شهرة ؟ ان الحفلات يا ناس , لا تخرب بيت الزوج والأب فقط , بل تخرب عشرين بيتا" , تتزوج بنت عم خال امرأتك فتكلفك ثوبا" ويعجز عنه موردك , فان شريته اضطربت موازنتك , وان أبيت تنغص عيشك .

قال أبو وداعة :ورأيتها أجمل امرأة وأكملها , ولما أصبحت غدوت لأذهب , قالت : الى أين ؟ قلت : الى مجلس سعيد , فقالت : اقعد أعلمك علم سعيد .
واذا هي عالمة محدثة , ولقد كنا بعد اذا أعيت العلماء مسألة , رجعنا اليها .
يا سادة ! اني لا أستطيع أن أحدثكم بمناقبة كلها . فلنقف عند هاتين المنقبتين , ولنأخذ منهما دروسا , درسا" للعلماء ودرسا" للآباء . ورحم الله من يسمع فيعي .. ويعلم فيعمل .


المصدر : رجال من التاريخ -- الجزء الاول -- ص : 103-106

هل كان سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه جبانا ؟


مع الأسف بعض المصادر تذكر أن شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم جبان , وقد قرأت في كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ما ينسف ذلك , 
يقول أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني :

وقد رأيت جماعةً من أهل الأدب ينسبون حسان ابن ثابت رحمه الله إلى الجبن ، ويخرجونه من أهل الضرب والطعن ، يحتجون في ذلك بقعوده عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في مغازيه وسراياه، وينشدون له في ذلك شعراً أظنهم نحلوه إياه ، وهي هذه الأبيات على رواية بعض الرواة :
أيها الفارس المشيح المطير ... إن قلبي من السلاح يطير
ليس لي قوة على رهج الخيل ... إذا ثور الغبار مثير
أنا في ذا وعند ذاك بليد ... ولبيب في غيره نحرير

ولا أمتري أنها منحولة إليه ، ومفتعلة عليه ؛
وبلغ من حججهم على ذلك حديثه في شأن اليهودي يوم الأحزاب المطيف بالأطم الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم ، أحرز فيه النساء والأبناء ، وإن حساناً حض صفية بنت عبد المطلب على قتله وأخذ سلاحه ، ويقولون لم تكن به قوة على سلبه، فضلاً عن حربه ، وذهب عليهم أن حساناً ، رحمه الله ، كان قد أصيب في بعض حروبهم في الجاهلية ، فقطع أكحله ، وفي ذلك يقول :
وخان قراع يدي الأكحل ... ومن أدل شيءٍ على ذلك أنه هاجى في الجاهلية والإسلام أكثر من ثمانين شاعراً ، لم يصفه أحد بالجبن ولا عيره به ، ولم يكن شيء يتعايرون به أشد . 

ولحسان أيام مشهورة ، ومواطن في الحروب مذكورة ، وكان ممن له كنيتان في السلم والحرب ، كما كان الأبطال تفعل على عهده ، كان يكنى في السلم بأبي الوليد ، وفي الحرب بأبي نعامة .

المصدر : الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة -- 2/440


________________________________
وللشيخ سليمان بن صالح الخراشي كلام جميل في الدفاع عن الصحابي الجليل شاعر المصطفى صل الله عليه وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه
بعنوان : حسان بن ثابت لم يكن جباناً

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=4189

الثلاثاء، 7 مايو 2013

الوزير علي بن عيسى يفرض على ملك الروم أن يحسن معاملة الأسارى المسلمين :

حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن ، قال حدثني مكرم ابن بكران، عن أبي يحيى بن مكرم القاضي ،
 قال : كنت خصيصاً بأبي الحسن علي بن عيسى ، وربما شاورني في شيء من أمره ،
 قال : دخلت عليه يوماً وهو مغموم جداً، فقدرت أنه بلغه عن المقتدر أمر كرهه ، فقلت هل حدث شيء؟ وأو مات إلى الخليفة .
فقال : ليس غمي من هذا الجنس، ولكن مما هو أشد منه .فقلت : إن جاز أن أقف عليه فلعلي أقول فيه شيئاً .فقال : نعم، كتب إلى عاملنا بالثغر، أن أسارى المسلمين في بلد الروم، كانوا على رفق وصيانة إلى أن ولي آنفاً، ملك الروم ، حدثان ، فعسفا الأسارى ، وأجاعهم ، وأعرياهم ، وعاقباهم ، وطالباهم بالتنصر ، وأنهم في جهد جهيد ، وبلاء شديد ، وليس هذا مما لي فيه حيلة ، لأنه أمر لا يبلغه سلطاننا ، والخليفة لا يطاوعني ، فكنت أنفق الأموال ، وأجتهد ، وأجهز الجيوش حتى تطرق القسطنطينية.
فقلت أيها الوزير ، هاهنا رأي أسهل مما وقع لك، يزول به هذا .فقال : قل يا مبارك .فقلت : إن بانطاكية عظيماً للنصارى يقال له البطرك ، وببيت المقدس آخر يقال له القاثليق ، وأمرهما ينفذ على ملك الروم ، حتى انهما ربما حرما الملك فيحرم عندهم ، ويحلانه فيحل .
وعند الروم أنه من خالف منهم هذين فقد كفر ، وأنه لا يتم جلوس الملك ببلد الروم إلا برأي هذين ، وأن يكون الملك قد دخل إلى بيعتهما ، وتقرب بهما ، والبلدان في سلطاننا ، والرجلان في ذمتنا ، فيأمر الوزير بأن يكتب إلى عاملي البلدين بإحضارهما ، وتعريفهما ما يجري على الأسارى ، وإن هذا خارج الملك ، وإنهما إن لم يزيلا هذا ، لم يطالب بجريرته غيرهما ، وينظر ما يكون من الجواب .

قال: فاستدعي كاتباً ، وأملى عليه كتابين في ذلك ، وأنفذهما في الحال ، وقال : سريت عني قليلاً ، وافترقنا .

فلما كان بعد شهرين وأيام ، وقد أنسيت الحديث ، جاءني فرانق من جهته يطلبني ، فركبت وأنا مشغول القلب بمعرفة السبب في ذلك ، حتى وصلت إليه ، فوجدته مسروراً ، فحين رآني قال: يا هذا ، أحسن الله جزاءك عن نفسك ودينك وعني .
فقلت : ما الخبر ؟.قال: كان رأيك في أمر الأسارى أبرك رأي وأصحه، وهذا رسول العامل قد ورد بالخبر، وأومأ إلى رجل كان بحضرته، وقال له: خبرنا بما جرى.
فقال الرجل : أنفذني العامل مع رسول البطرك والقاثليق ، برسالتهما إلى قسطنطينية وكتبا إلى ملكيهما : إنكما قد خرجتما عن ملة المسيح بما فعلتماه بالأسارى وليس لكما ذلك ، فإنه حرام عليكما ، ومخالف لما أمرنا به المسيح من كذا وكذا ، وعددا أشياء في دينهما ، فإما زلتما عن هذا واستأنفتما الإحسان إلى الأسارى ، وتركتما مطالبتهم بالتنصر ، وإلا لعناكما على هذين الكرسيين وحرمنا كما .
قال : فمضيت مع الرسول ، فلما صرنا بقسطنطينية ، حجيت عن الملكين أياماً ، وخليا بالرسول ، ثم استدعياني إليهما ، فسلمت عليهما ،

 فقال لي ترجمانهما : يقول لك الملكان ، إن الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى ، كذب وتشنيع ، وقد أذنا في إدخالك دار البلاط لتشاهد أساراكم ، فترى أحوالهم بخلاف ما بلغكم ، وتسمع من شكرهم لنا ، ضد ما اتصل بكم .
قال : ثم حملت إلى دار البلاط فرأيت الأسارى ، وكأن وجوههم قد أخرجت من القبور ، تشهد بالضر الشديد والجهد الجهيد وما كانوا فيه من العذاب إلى حين قدومنا إلا أنهم مرفهون في ذلك الوقت ، وتأملت ثيابهم ، فإذا جميعها جدد ، فعلمت أني منعت من الوصول تلك الأيام حتى غير زي الأسارى وأصلح أمرهم .
وقال لي الأسرى : نحن للملكين شاكرين ، فعل الله بهما وصنع ، وأومأوا إلي : إن الأمر كان كما بلغكم ، ولكنه خفف عنا ، وأحسن إلينا ، بعد حصولك هاهنا .
وقالوا لي كيف عرفت حالنا ؟ ومن تنبه علينا ، وأنفذك بسببنا ؟.

فقلت لهم : ولي الوزارة علي بن عيسى فبلغه ذلك ، فأنفذ من بغداد ، وفعل كذا وكذا .
قال: فضجوا بالدعاء إلى الله تعالى للوزير، وسمعت امرأة منهم تقول : مر يا علي بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل .
قال: فلما سمع ذلك علي بن عيسى أجهش بالبكاء ، وسجد حمداً لله سبحانه وتعالى ، وتر الرسول ، وصرفه .
فقلت له : أيها الوزير ، أسمعك دائماً تتبرم بالوزارة ، وتتمنى الإنصراف عنها في خلوتك خوفاً من آثامها ، فلو كنت في بيتك ، هل كنت تقدر أن تحصل هذا الثواب ولو أنفقت فيه أكثر مالك ؟ فلا تفعل ، ولا تتبرم بهذا الأمر فلعل يمكنك ويجري على يديك أمثال هذا الفعل ، فتفوز بثوابه في الآخرة ، كما تفردت بشرف الوزارة في الدنيا .
__________________________________


المصدر : نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي رحمه الله تعالى