الكاتب: محمد رشيد رضا
_________
الأخبار والآراء
كان لما كتبناه في مسألة دعوة اليابان إلى الإسلام تأثير في جميع الأقطار الإسلامية فقد نقلت ما كتبناه الجرائد الهندية وأضافت إليه ما أضافت.
وكتب إلينا بعض أهل الغيرة من مسلمي الآفاق بالاستحسان والاستعداد لإسعاد الدعوة إن وجدت، ومن ذلك ما كتب إلينا بعض الفضلاء من سنغافورة وهو:
(قد أسرني ما رأيت بالمنار من ذكر الدعوة إلى الله بالجابان وباطلاعنا على ما ذكرتم كتبنا لأحد المسلمين في شنغاي (بالصين) ليفيدنا عن الشيخ حسان , وأحببنا أن نكاتبه ونمن بما نقدر عليه، فوصلنا منه ما ترونه ضمن هذا بعد الاطلاع عليه أرجعوه إلينا إن شئتم، وقد أجبناه عسى أن يؤلف لجنة لجمع إعانة لهذه الغاية فعسى ولعل. ويقال: إن أهل الهند جهزوا عالمًا بخمسة آلاف روبية ليذهب إلى جابان للدعوة. وقد أطربنا ما ذكرتم في المنار بالعدد الأخير (يعني ج22) من دعوتكم العلماء للذهاب والأغنياء للمعاونة بالمال، وقبلنا تلك السطور نيابة عن أنامل سطرتها ولكنا لا نوافقكم في أن (سروات) مصر لا يكتتبون بالمبالغ الكبيرة، ودليلنا أن القوم يكتتبون سنويًّا لعيد الجلوس ونحوه من الأعياد الفارغة بمبالغ غير حقيرة مع أن الأمير لا يقرأ تلك القوائم ولو قرأها لم تعلق بذهنه فضلاً عن أن يثيب على ذلك فمن لا يبخل بالترهات كيف لا يبذل المال في نصرة الدين، وإقراض أحكم الحاكمين؟ ! فلا نزيدكم توصية بالتكرار. وهنا قد أحب بعض قراء المنار المشاركة وسيقدمون ما يجتمع وهو وإن كان زهيدًا فأول الغيث قطر) اهـ. بنصه.
وهذا ما كتب إليه من شنغاي بعبارته، قال الكاتب بعد رسوم الخطاب:
(إحاطة علمكم ما هو محرر بمجلة المنار الإسلامي عن أن رجلاً من الصين اسمه حسان قد قام بكتابة بعض عبارات في مجلة شوكيما الجبانية يدعو القوم إلى الديانة الإسلامية (وتطلبوا) الإفادة عن (أدريسه) فلآخر شرحكم فهمناه كما اطلعنا عليه بالمجلة المذكورة ونشكر غيرتكم الحمية عليه. غير أنه قد تعجبنا من ذلك لعلمنا بعدم وجود (هكذا) شخص بالصين أهلاً لذلك، ونأسف كما يأسف كل مسلم غيور بأن تكون أهالي الصين المسلمين محرومين من هكذا رجل وهو أحوج الناس إليه، ولدى الاستعلام عن الشخص المذكور فهمنا بأنه قد حضر من بضعة أشهر من بلدة (دلهي) بالهند رجل عالم اسمه بالإنكليزي (سفراي حسين) ولعله هذا الشخص الذي يعني عنه المنار (حسان) من طرف جمعية إسلامية بالهند لهذه الغاية إلى الجبان من بعد أن أقام كام يوم هنا طرف أحد الإخوان. وقد فهمنا أنه توجه إلى الجبان إلى أوزاكا ومنها إلى ناكازاكي حيث أقام بتحرير جملة مقالات في بعض جرائد الجبان وإلقاء بعض خطب بهذا المعنى، والآن نجهل محل إقامته كما نجهل (أدريسه) إلا أنه يمكن يحرر له بالاسم المشروح أعلاه بالإنكليزي إلى يوكاهاما أم ناكازاكي، وغدًا إن شاء الله سنحرر إلى أحد الأصحاب بتلك الأطراف للاستعلام عن ذلك وإليكم الحقيقة بعد هذا.
أما حالة الجبان الدينية فهي كما كتب محرر المجلة المذكورة ولم يزالوا تائهين حائرين على دين يعتقدوه (وإن يكن منهم صار الحظ الأوفر مسيحية) ونعرف منهم اثنين قد اعتنقوا الدين الإسلامي ولا قدروا يفهموا منه إلا أسماءهم حيث قد صاروا بأسماء جديدة أحدهم إبراهيم والثاني إسماعيل. ونعهد أن منهم جملة قدصاروا يهودًا. والحقيقة الآن فرصة ثمينة جدًّا وثواب عظيم. ولكن يحتاج هذا لرجل عظيم فيلسوف غيور مستعد ليس بعلم الفقه فقط.. على مذهب الشافعي..
وحضرتكم أعلم.
أما حالة الصين فلا ننكر وجود جملة إسلام يعد بالملايين ومنهم العلماء الأعلام، ويوجد عندهم المدارس العالية الداخلية حيث يوجد بهم ألوف من طلبة العلم أخصه في البلاد الداخلية حيث أعلم الإسلام بهم نظير كيانسو شانسي.
وهونان ولكن من الصعب وجود شخص بالاستعداد الكافي والغيرة لما ذكر.
ربنا اهدنا ووفق وألِّف بين قلوبنا إنك سميع مجيب.. اهـ. بحروفه ونقطه
إلا اسم العالم الهندي فقد رسمناه بحروف عربية وظاهر أنه يريد بالجبان اليابان وبالأدريس (العنوان) .
(إحاطة علمكم ما هو محرر بمجلة المنار الإسلامي عن أن رجلاً من الصين اسمه حسان قد قام بكتابة بعض عبارات في مجلة شوكيما الجبانية يدعو القوم إلى الديانة الإسلامية (وتطلبوا) الإفادة عن (أدريسه) فلآخر شرحكم فهمناه كما اطلعنا عليه بالمجلة المذكورة ونشكر غيرتكم الحمية عليه. غير أنه قد تعجبنا من ذلك لعلمنا بعدم وجود (هكذا) شخص بالصين أهلاً لذلك، ونأسف كما يأسف كل مسلم غيور بأن تكون أهالي الصين المسلمين محرومين من هكذا رجل وهو أحوج الناس إليه، ولدى الاستعلام عن الشخص المذكور فهمنا بأنه قد حضر من بضعة أشهر من بلدة (دلهي) بالهند رجل عالم اسمه بالإنكليزي (سفراي حسين) ولعله هذا الشخص الذي يعني عنه المنار (حسان) من طرف جمعية إسلامية بالهند لهذه الغاية إلى الجبان من بعد أن أقام كام يوم هنا طرف أحد الإخوان. وقد فهمنا أنه توجه إلى الجبان إلى أوزاكا ومنها إلى ناكازاكي حيث أقام بتحرير جملة مقالات في بعض جرائد الجبان وإلقاء بعض خطب بهذا المعنى، والآن نجهل محل إقامته كما نجهل (أدريسه) إلا أنه يمكن يحرر له بالاسم المشروح أعلاه بالإنكليزي إلى يوكاهاما أم ناكازاكي، وغدًا إن شاء الله سنحرر إلى أحد الأصحاب بتلك الأطراف للاستعلام عن ذلك وإليكم الحقيقة بعد هذا.
أما حالة الجبان الدينية فهي كما كتب محرر المجلة المذكورة ولم يزالوا تائهين حائرين على دين يعتقدوه (وإن يكن منهم صار الحظ الأوفر مسيحية) ونعرف منهم اثنين قد اعتنقوا الدين الإسلامي ولا قدروا يفهموا منه إلا أسماءهم حيث قد صاروا بأسماء جديدة أحدهم إبراهيم والثاني إسماعيل. ونعهد أن منهم جملة قدصاروا يهودًا. والحقيقة الآن فرصة ثمينة جدًّا وثواب عظيم. ولكن يحتاج هذا لرجل عظيم فيلسوف غيور مستعد ليس بعلم الفقه فقط.. على مذهب الشافعي..
وحضرتكم أعلم.
أما حالة الصين فلا ننكر وجود جملة إسلام يعد بالملايين ومنهم العلماء الأعلام، ويوجد عندهم المدارس العالية الداخلية حيث يوجد بهم ألوف من طلبة العلم أخصه في البلاد الداخلية حيث أعلم الإسلام بهم نظير كيانسو شانسي.
وهونان ولكن من الصعب وجود شخص بالاستعداد الكافي والغيرة لما ذكر.
ربنا اهدنا ووفق وألِّف بين قلوبنا إنك سميع مجيب.. اهـ. بحروفه ونقطه
إلا اسم العالم الهندي فقد رسمناه بحروف عربية وظاهر أنه يريد بالجبان اليابان وبالأدريس (العنوان) .
وكنا قبل هذا قرأنا في جريدة (وكيل) الهندية الغراء ما ترجمته:
(حضر من أعيان الهند وعلمائها الأعلام (سرفواز حسين) إلى مدينة نجاساكي اليابانية في 11 ديسمبر 1905 وفي 18 منه دخل إلى أحد معابدها المسمى (جوسوجي) وألقى خطبة شائقة باللغة الإنكليزية موضوعها (التوحيد الإسلامي ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) ، وكان عدد الحاضرين يبلغ زهاء أربع مائة من يابانيين وأوربيين، ودام في خطبته ساعتين، وكان من الحاضرين اللادي مس ريندلف كود الأمريكانية، وكانوا يسمعون بكل انتباه وإصغاء. وفي اليوم ليوم إلقاء الخطبة كتبت عنها الجرائد الإنكليزية واليابانية مقرظة إياها أحسن تقريظ وقد جاء كثيرون ليسألوا العالم الهندي بارتياح ومسرة عن التوحيد والنبوة وبعد عشرة أيام برحها إلى مدينة كوبي ومنها إلى طوكيو) اهـ.
(المنار)
نقول: إن مصدر خبر الشيخ حسان الصيني هو الجرائد العثمانية ولا ندري من أين أخذته.
(حضر من أعيان الهند وعلمائها الأعلام (سرفواز حسين) إلى مدينة نجاساكي اليابانية في 11 ديسمبر 1905 وفي 18 منه دخل إلى أحد معابدها المسمى (جوسوجي) وألقى خطبة شائقة باللغة الإنكليزية موضوعها (التوحيد الإسلامي ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم) ، وكان عدد الحاضرين يبلغ زهاء أربع مائة من يابانيين وأوربيين، ودام في خطبته ساعتين، وكان من الحاضرين اللادي مس ريندلف كود الأمريكانية، وكانوا يسمعون بكل انتباه وإصغاء. وفي اليوم ليوم إلقاء الخطبة كتبت عنها الجرائد الإنكليزية واليابانية مقرظة إياها أحسن تقريظ وقد جاء كثيرون ليسألوا العالم الهندي بارتياح ومسرة عن التوحيد والنبوة وبعد عشرة أيام برحها إلى مدينة كوبي ومنها إلى طوكيو) اهـ.
(المنار)
نقول: إن مصدر خبر الشيخ حسان الصيني هو الجرائد العثمانية ولا ندري من أين أخذته.
ولا فرق عندنا بين أن يكون الداعي للإسلام هنالك صينيًّا أو هنديًّا لأن الملة واحدة، ولكن نرجو أن يكون هنديًّا لأن أهل الهند أعلم بها من أهل الصين ومَن لنا بمَن يترجم لنا خطبة أخينا سرفواز حسين لعلنا نجد فيها ما يطمئن له القلب من ناحية هذا الداعي الأول للإسلام في تلك البلاد. ولا يشك عاقل في أن هذا العمل الجليل لا يكفي للقيام به عالم واحد مهما اتسعت دائرة علمه، ونفذت أشعة عقله وفهمه، فلا بد للمسلمين من جمعية للدعاة يكون لها مدرسة لتربيتهم وتعليمهم وصندوق غني للنفقة عليهم. ولكن هل بلغ استعداد المسلمين الديني والاجتماعي في جميع الممالك إلى أن ينهضوا بجمعية واحدة كأصغر جمعية من جمعيات المبشرين عند النصارى؟ ! .
يظن صاحبنا الذي كتب إلينا من سنغافورة أن المصريين وحدهم يضطلعون بهذا العمل وهو قليل على كرمهم، ولكنه أيد ظنه بقياس الجد على الهزل ولا أزيد على هذا شيئًا في الكلام على قياسه وأقول له: إن لي في المصريين لأملاً ما، ولكني أعتقد أن هذا العمل لا يتم إلا إذا تضافر المسلمون في كل الأقطار عليه.
يظن صاحبنا الذي كتب إلينا من سنغافورة أن المصريين وحدهم يضطلعون بهذا العمل وهو قليل على كرمهم، ولكنه أيد ظنه بقياس الجد على الهزل ولا أزيد على هذا شيئًا في الكلام على قياسه وأقول له: إن لي في المصريين لأملاً ما، ولكني أعتقد أن هذا العمل لا يتم إلا إذا تضافر المسلمون في كل الأقطار عليه.
ويرجى بعد أن تبدو ثمراته بسعي أصحاب الهمم العالية والغيرة الصادقة أن تصير الثقة به عامة وأن توقف عليه الأوقاف العظيمة فإن حب الخير وبذل المال في سبيل الله لم يُمْحَ من نفوس المسلمين، ولكن الأغنياء منهم صاروا طبقات فمنهم مَن عبد المال من دون الله لا يسمح بقليل منه ولا كثير وهؤلاء قد فسدت فطرتهم فلا رجاء فيهم! ، ومنهم من لا هَم له إلا الإسراف والتبذير في سبل الشهوات واللذات والفخفخة والزهو والخيلاء وأكثر هؤلاء من عبيد الشهوات الذين لم يبقَ للدين بصيص من النور في قلوبهم. وقد يوجد فيهم من تُرجى أوبته، وتحسن خاتمته، ومنهم من يحب عمل الخير ولكن يضعه في غير موضعه لجهله بما يُرضي الله وينفع الناس فيبني مسجدًا حيث تكثر المساجد فيزيد المسلمين تفريقًا أو يوقف وقفًا على ضريح بعض المشهورين بالصلاح، ومنهم من يميز بين الضار والنافع ولكنه ضعيف لا يقدر على العمل بنفسه ولا يثق بالعاملين وإن كانوا قادرين، وإنما الرجاء بمثل هذا بعد ظهور ثمرة العمل. وأما الغني السخي العاقل الشجاع الذي يرجى للشروع في الأعمال العظيمة فقليل، وهو المرجو لهذا المشروع الجليل.
_______________________________________
مجلة المنار المجلد التاسع (ص:75)