وأثناء حرب الأفيون والفترة التاريخية التالية لها, اقتحم الإمبرياليون بوابة الصين القديمة بالمدافع, وهزوا بعنف التركيب النفسي لدى الصينيين في الاعتماد على الثقافة التقليدية , وتسببوا لهم في إحداث جرح عميق لكرامة الأمة والثقة بالذات والصورة النموذجية القائمة على المفهوم التقليدي للثقافة. وغرق الصينيون في حالة من الشعور بالقلق والهم لم يعرفونها من قبل, وفقدوا التوازن النفسي والاجتماعي بصورة خطيرة, وفي الوقت الذي كانوا يبحثون فيه عن مخرج لإنقاذ الأمة من الاضمحلال ومحاولة البقاء , كانوا يبحثون أيضا في عجالة عن مواطن النقائض والعيوب على وجه التحقيق, وبدأوا في محاسبة النفس بدقة واستجوابها. ومن هنا بدأ التعريف بذات الأمة الصينية, ولذا كانت تحمل تلك الذات في طياتها منذ البداية الواقعية المباشرة ونكهة مشاعر الحزن العميق, ومن ناحية أخرى, تعد حرب الأفيون السلسلة الأولى من الهزائم التي جعلت الكثيرين من الحكماء الصينيين من ذوي النظر البعيد يدركون أن ذلك ليس هزيمة في المجال العسكري والسياسي فحسب, بل <هزيمة كبرى> للثقافة الصينية التقليدية أيضا. ومن ذلك الحين فصاعدا , بدأ الاحتكاك والتصادم والتعارض بين المغزى الحقيقي لنظامين ثقافيين كبيرين هما : الثقافة الصينية , والثقافة الغربية.
( وو بن : الصينيون المعاصرون : عالم المعرفة 1/24.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق