للشيخ الداعية أبوصهيب عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى مقالة عن الحاجب المنصور وقاضية بن ذكوان :
وفي سنة 378هجرية ، خرج في غزوة من غزواته ، ولكن النصارى الإسبان أعدوا له كميناً في واد بين جبلين عند مضايق جبال البرانس ، وأطلقوا على جيش المسلمين آلاف الأسهم المسمومة ، وسقط من المسلمين عدد كبير ، واضطربت صفوفهم ، واختل توازنهم وبدأ الفرار .
لكن الحاجب المنصور ثبت بشجاعة ، وثبت معه أولاده وفرسانه ، ووقف القاضي ابن ذكوان قاضي المسلمين كالطود يرفض الفرار .
فلما رأى المسلمون أمراءهم قد ثبتوا ، تحمسوا وعادوا للقتال حتى انتصروا على الإسبان ، وبعد هذا النصر المؤزر ، فرض عليهم الحاجب المنصور دفع الجزية . وإذلالاً لهم ، طلب كذلك بنت الملك ( فرويلا الرابع ) جارية عنده ، وكانت من أكثر الإسبان شرفاً ومن أجملهن حتى يرغم أنوف الإسبان .
ولما شيعها أبوها وكبار حاشيته قالوا لها : أصلحي حالنا عند الأمير المسلم وتوسطي لنا عنده ، فقالت لهم (( إن العزة لاتؤخذ عن طريق أفخاذ النساء ، أيها الجبناء ، ولكن بسلاح الرجال )) وكان الأمير الحاجب المنصور يخرج مرتين كل سنة للغزو والجهاد .
وذات مرة رجع من غزوة في فجر يوم عيد الأضحى ، والمسلمون في مصلى العيد بين التكبير والتهليل ، وهو متجه إلى المصلى حتى يصلي مع المسلمين ، فأوقفته عجوز وهو على صهوة حصانه لم ينزل منه وقالت له : (( يامنصور ، كل الناس مسرورن إلا أنا )) فسألها الخليفة عن السبب فقالت : إن إبنها أسير عند الصليبيين في حصن رياح .
يلوى البطل الحاجب المنصور عنان فرسه وينادى : أن حي على الجهاد وينطلق إلى حصن رياح ويقاتل الصليبيين حتى يرضخوا لشروطه بإطلاق سراح جميع الأسرى المسلمين ، ومن بينهم ابن العجوز .
(( لدينا الكثير من العجائز من أمثال أم هذا الأسير ، ولكن متى يكون لدينا أمثال الحاجب المنصور ؟؟!))
(( لدينا كثير من القضاة الذين سيبدون استعداداً للنظر في تصرف المنصور وخروجه للجهاد قبل أن يصلي العيد . وسيتناقشون في ما إذا كان هذا التصرف شرعياً أم لا ، لساعات طوال ، ولكن هل عندنا قضاة من أمثال ابن ذكوان ؟!
اللهم ارحم حالنا وأصلح حكامنا ، وارزقنا أمثال الحاجب المنصور .
خادم الدعوة
د. عبدالرحمن حمود السميط رحمه الله تعالى
مجلة الكوثر العدد (110 )
د. عبدالرحمن حمود السميط رحمه الله تعالى
مجلة الكوثر العدد (110 )
شكر الله لكم
ردحذف