أرسل أدفونش ( الفونسو السادس ) إلى المتوكل على الله بن الأفطس حاكم بطليوس طالبا" تسليم بعض قلاعه وحصونة وتقديم أموال معينة , ويتوعده بشر العواقب اذا هو لم يفعل .
رغم صعوبة الموقف رفض المتوكل التهديد , ورد على ملك قشتالة برسالة قوية تدل على الشجاعة والإباء , وهذا نصها :
" وصل إلينا من عظيم الروم كتاب مدع في المقادير , وأحكام العزيز القدير ، يرعد ويبرق ، ويجمع تارة ثم يفرق ، ويلدد بجنوده الوافرة ، وأحواله المتظافرة ، ولو علم أن لله جنوداً أعز بهم الإسلام ، وأظهر بهم دين نبينا محمد عليه السلام أعزة على الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون . بالتقوى يعرفون , وفي التوبة يتضرعون . ولئن لمعت من خلف الروم بارقة فبإذن الله , وليعلم المؤمنين , وليميز الخبيث من الطيب , ويعلم المنافقين .
أما تعييرك للمسلمين فيما وهي من أحوالهم ، فبالذنوب المركوبة ، ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك ، علمت أي مصاب أذقناك ، كما كانت آباؤك تتجرعه ، فلم نزل نذيقها من الحمام ضروب الآلام شؤماً تراه وتسمعه ، وإذا المال تتورعه , وبالأمس كانت قطيعة المنصور على سلفك ، أهدى ابنته إليه مع الذخائر التي كانت تفد كل عام عليه .
وأما نحن إن قلت أعدادنا ، وعدم من المخلوقين استمدادنا ، فما بيننا وبينك بحر نخوضه ، ولا صعب نروضه ، إلا السيوف تشهد بحدها رقاب قومك ، وجلاد تبصره في ليلك ويومك ، وبالله تعالى وملائكته المسومين ، نتقوى عليك ونستعين , ليس لنا سوى الله مطلب , ولا لنا غيره مهرب , وما تتربصون بنا إحدي الحسنيين ، نصر عليكم , فيالها من نعمة ومنة ، أو شهادة في سبيل الله ، فيالها من جنة ، وفي الله العوض مما به هددت ، وفرج يفتر بما مددت ، ويقطع بك فيما أعددت " .
_____________________________________________________________________
المصدر : التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة (363) للدكتور عبدالرحمن الحجي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق