منذ العهد النبوي، بات العرب موجودين على الساحة العالمية وقد ذكرتهم حوليات صينية تعود إلى أسرة تانغ التي حكمت الصين ما بين 618 و907 م جاء فيها أن دولة التازيين سيطرت على الأراضي التي كانت تملكها بو سو (Po ssu) (فارس) .
وأدرج المؤرخ تو يو ) Tu Yu ) في موسوعته ((تونغ تيين )) ( Tung Tien ) التي قدمها إلى البلاط الإمبراطوري عام 801م ، قصة الأسير الصيني تو هوان (Tu Huan ) الذي وقع في أيدي العرب بعد معركة تالس (Talas ) بين القوات العربية والصينية عام 751م ، ونقل سجينا إلى العراق حيث بقى في الكوفة إلى أن سمح له بالعودة إلى الصين عام 762م.
ويقول (تو يو) على لسان الاسير العائد أن الرجال في الأقاليم التي يعش فيها العرب فيها ذوي أنوف كبيرة ولحى سوداء وشعر غزير على وجوههم مثل الهنود، ويحملون خناجر من فضة ويضعون أحزمة فضية ولا يحتسون الخمر ولا يعرفون الموسيقى.
نساؤهم بيضاوات البشرة ويغطين وجوههن عندما يغادرن بيوتهن بغض النظر عن رفعة مرتبتهن الاجتماعية أو ضعتها .
وعندما يتشاجر الناس لا يوجهون لكمات إلى بعضهم البعض .
ولديهم معابد عظيمة تتسع لآلاف المصلين .
وفي كل سابع يوم من الأسبوع يتوجه الملك بخطاب إلى رعاياه من عرشه العالي في المعبد بالكلمات التالية : (( حياة البشر صعبة جدا˝ وليس سلوك الطريق القويم بسهل ، والخيانة خطيئة. و ما إثم أكبر من السرقة والنهب خداع الناس بالكلمات ، وأن يعرض المرء حياة الآخرين للخطر في سبيل أن ينعم هو بالأمان وغش الفقراء ، واضطهاد الضعفاء .
وأولئك الذي ماتوا بأيدي الأعداء (أعداء الإسلام) سيحيون مجددا˝ في الجنة، أولئك الذين هزموا العدو سينعمون بالسعادة)). ويرى المؤرخ أن من هنا سبب براعة النازيين في الحرب . وهم يصلون خمس مرات للروح السماوية.
ويتابع الأسير العائد : (( تغيرت الأرض برمتها ؛ لقد تبع الناس (دعوة الإسلام) كما تتبع السواقي الأنهار، والقانون يطبق برحمة ولا يدفن الميت إلا بحرص.
ولا ينقص الناس شيئ منا تنتجة الأرض سواء داخل سور المدينة العظيمة أو وراء الأبواب في القرى .
في بلدهم يجتمع الكون وفيه سلع لا تحصى بوفرة وأثمان زهيدة .
وفيما تنتشر الأثواب الموشاة بالذهب واللآلئ والنقود في المتاجر ، تعج الشوارع والأزقة بالكثير والجمال والبغال .
ويقطع السكان القصب السكر ليبنوا أكواخا˝ تشبه العربات في الصين .
وعندما تحل الأعياد تقدم هدايا إلى الأعيان تشمل أكوابا˝ زجاجية وقوارير وأوعية نحاسية أكثر من أن تعد .
الرز الأبيض والدقيق الأبيض لا يختلفان عما يوجد في الصين.
وتشمل فاكهتهم الدراق والتمر .
وتنمو نبته اللفت ليصل وزنها إلى رطل وهي مستديرة ومذاقها شهي جدا˝ فيما تشبه الخضروات الأخرى تلك الموجودة في باقي البلدان )) .
ويقول : (( أرضهم صخرية وغير ملائمة كثيرا˝ للزراعة .
ويمارس الناس هناك أكثر ما يمارسون الصيد ويأكلون اللحم ولم يعرفوا الدقيق والرز سوى بعد أن هزموا فارس وبيزنطة .
ولديهم عنب كبير تبلغ حبته حجم بيضة الدجاجة .
أحصنتهم ممتازة وولدت من نسل تزاوج التنين بأفراس وجدت على شاطئ خليج فارس ويمكنها السفر ألف لي <وحدة قياس صينية تبلغ 500 متر تقريبا˝ > في اليوم الواحد. وتوجد الجمال أيضا˝ .
وأما أكثر الزيوت العطرية تقديرا˝ لديهم فهي الياسمين والمر )) .
__________________________________
حسام عيتاني : الفتوحات العربية في روايات المغلوبين
ص: 168-169