بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 مارس 2014

ربيعة بن مكدم ( أحمى من مجير الظعن )

                 
                 (نحو 85 - 62 ق ه = نحو 534 - 558 م) <1>
فاﺭﺱ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺭﺑﻴﻌﺔ ﺑﻦ ﻣﻜﺪﻡ .
ﻣﻦ بني ﻓﺮﺍﺱ ﺑﻦ ﻏﻨﻢ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﺑﻦ ﻛﻨﺎﻧﺔ , ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻌﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ. ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻘﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮ ﺃﺣﺪ ﻏﻴﺮﻩ .
ﻭﻛﺎﻥ ﺑنو ﻓﺮﺍﺱ ﺑﻦ ﻏﻨﻢ ﺑﻦ ﻛﻨﺎﻧﺔ ﺃﻧﺠﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﺸﺮﺓ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ .
ﻭﻓﻴﻬﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ: ﻣﻦ ﻓﺎﺯ ﺑﻜﻢ ﻓﻘﺪ ﻓﺎﺯ ﺑﺎﻟﺴﻬﻢ ﺍﻷﺧﻴﺐ , ﺃﺑﺪﻟﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻲ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺷﺮ ﻟﻜﻢ , ﻭﺃﺑﺪﻟﻨﻲ ﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻜﻢ . ﻭﺩﺩﺕ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻟﻲ ﺑﺠﻤﻴﻌﻜﻢ- ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ- ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ بني ﻓﺮﺍﺱ ﺑﻦ ﻏﻨﻢ . (2)


وفي مجمع الأمثال :
أحمى من مجير الظعن .
هو ربيعة بن مكدم الكناني .
ومن حديثه - فيما ذكر أبو عبيدة - أن نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازيا ، فلقي ظعنا من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها ، فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس، وكان غلاما له ذوابة ، فشد عليه نبيشة فطعنه في عضده، فأتى ربيعة أمه وقال :
شدي علي العصب أم سيار ... فقد رزئت فارسا كالدينار
فقالت أمه:
إنا بني ربيعة بن مالك ... نرزأ في خيارنا كذلك
من بين مقتول وبين هالك ...
ثم عصبته ، فاستقاها ماء .
فقالت : اذهب فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك .
فرجع وكر على القوم فكشفهم ورجع إلى الظعن .
وقال : إني لمائت ، وسأحميكن ميتا كما حميتكن حيا ، بأن أقف بفرسي على العقبة وأتكئ على رمحي ، فإن فاضت نفسي كان الرمح عمادي فالنجاء النجاء ، فإني أرد بذلك وجوه القوم ساعة من النهار .
فقطعن العقبة ، ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متكئا على رمحه ، ونزفه الدم ففاظ والقوم بإزائه يحجمون عن الإقدام عليه .
فلما طال وقوفه في مكانه ورأوه لا يزول عنه رموا فرسه فقمص ، وخر ربيعة لوجهه ، فطلبوا الظعن فلم يلحقوهن . <3>
___________________
1- الأعلام للزركلي 1/17

2-العقد الفريد لابن عبد ربة الأندلسي 1/105
3- مجمع الأمثال الميداني 1/22

الاثنين، 17 مارس 2014

كرم سادتنا الصحابة رضي الله عنهم


خرج الحسنان ، وعبد الله بن جعفر ، وأبو حبة الأنصاري رضي الله عنهم من مكة إلى المدينة ، فأصابتهم السماء ، فلجأوا إلى خباء أعرابي ، فأقاموا عنده ثلاثاً حتى سكت السماء ، وذبح لهم .
فلما ارتحلوا قال له عبد الله بن جعفر : إن قدمت المدينة فسل عنا .
فاحتاج الأعربي بعد سنين ، فقالت له امرأته : لو أتيت المدينة فلقيت أولئك الفتيان ،
فقال : قد أنسيت أسماءهم ، قالت : سل عن ابن الطيار . فأتاه .
فقال : الحق سيدنا الحسن ، فلقيه فأمر له بمائة ناقة بفحولتها ورعالها .
 ثم أتى الحسين ، فقال : كفانا أبو محمد مؤونة الإبل , فأمر له بمائة شاة .
ثم أتى عبد الله فقال : كفاني أخواي الإبل والشاء فأمر له بمائة ألف درهم .
ثم أتى أبا حبة فقال : والله ما عندي مثل ما أعطوك ، ولكن جئني بإبلك ، فأوقرها له تمرا ً. 
فلم يزل اليسار في أعقاب الأعرابي .


 المصدر : ربيع الأبرار للإمام الزمخشري رحمة الله تعالى وعفا عنة 

السبت، 15 مارس 2014

محافظة الشعوب الإفرنجية على قومياتها





فلننظر إلى أوربة - لأنها هي اليوم المثل الأعلى في ذلك - فنجد كل أمة فيها تأبى أن تندمج في أمة أخرى .  فالإنكليز يريدون أن يبقوا إنكليزًا ، والإفرنسيس يريدون أن يبقوا إفرنسيسًا ، والألمان لا يريدون أن يكونوا إلا ألمانًا ، والطليان لا يريدون أن يكونوا إلا طليانًا ، والروس قصارى همهم أن يكونوا روسًا ، وهلم جرًّا .   
ومما يزيد هذا المثال تأثيرًا في النفس أن الأيرلنديين مثلاً أمة صغيرة مجاورة للإنكليز ، وقد بذل هؤلاء جميع ما يتصوره العقل من الجهود ليدمجوهم في سوادهم مدة تزيد على سبعمائة سنة ، فأبوا أن يصيروا إنكليزًا ، ولبثوا أيرلنديين بلسانهم وعقيدتهم وأذواقهم وعاداتهم .   
وفي فرانسة نفسها تأبى أمة ( البريتون ) إلا أن تحافظ على أصلها .  
وفي جنوبي فرانسة جيل يقال لهم ( الباشكنس ) احتفظوا بقوميتهم تجاه القوط ثم تجاه العرب ، ثم تجاه الأسبان ، ثم تجاه الفرنسيس .  وجميعهم مليون نسمة ، وهم لا يزالون على لغتهم وزيهم وعاداتهم وجميع أوضاعهم .   
و(الفلمنك) يأبون أن يجعلوا اللغة الإفرنسية لغتهم ، والثقافة الإفرنسية ثقافتهم ، ولم يزالوا يصيحون في بلجيكا حتى اضطرت دولة بلجيكا إلى الاعتراف بلغتهم لغة رسمية .   
وفي سويسرا ثلاثة أقسام :القسم الألماني وهو مليونان وثمانمائة ألف ، والقسم المتكلم بالفرنسية وهو ثمانمائة ألف ، والقسم المتكلم بالطليانية وهو أكثر قليلاً من مائتي ألف ، وكل قسم منها محافظ على لغته وقوانينه ومنازعه مع أنهم كلهم متحدون في مصالحهم السياسية ويعيشون في مملكة واحدة .   
وإن الدانمارك وبلاد الإسكنديناف وهولندة فروع من الشجرة الألمانية لا مراء في ذلك ، لكنهم لا يريدون الاندماج في الألمان ولا العدول عن قومياتهم ، وبقي ( التشيك ) مئين من السنين تحت حكم الألمان وبقوا تشيكًا ، واستأنفوا بعد الحرب العامة استقلالهم السياسي ، بعد أن حفظوا لسانهم واستقلالهم الجنسي مدة خمسة قرون 
.   
وقد هذب الألمان (أمة المجر) وعلّموهم ورقوهم ولكنهم لم يتمكنوا من إدماجهم في الألمانية ، فتجدهم أحرص الأمم على لغتهم المغولية الأصل وعلى قوميتهم المجرية 
  
ولبثت الروسية العظيمة من مائتين إلى ثلاثمائة سنة تحاول إدخال بولونية في الجنس الروسي ، وحمل البولونيين على نسيان قوميتهم الخاصة ؛ بحجة أن العرق السلافي يجمع بين البولونيين والروس ، ففشلت جميع مساعيها في إدماج البولونيين فيها ، وعاد هؤلاء بعد الحرب العامة أمة مستقلة في كل شيء ؛ وذلك لأنهم لم يتخلوا طرفة عين عن قوميتهم .   

وليس من العجب أن لا تريد أمة عددها (30) مليونًا الاندماج في غيرها ، ولكن (الأستونيين) - وهم مليونان فقط - انفصلوا عن الروسية ولم يقبلوا الاندماج فيها وأحيوا استقلالهم ولسانهم المغولي الأصل ، وجعلوا له حروفًا هجائية  , ومثلهم أهالي فنلاندة المنفصلون عن الروسية أيضًا .  
وقد خابت مساعي الروس في إدماج (اللتوانيين) من هذه الأمم البلطيكية في الجنس الروسي ، وانتفضوا بعد الحرب العامة (1914-1918) أمة مستقلة كما كانوا مستقلين قوميًّا ، وجميعهم أربعة ملايين .
 وأقل منهم جيرانهم اللتوانيون [ليتونية غير ليتوانية , وكلتاهما من الأمم التي أنفصلت عن روسية بعد الحرب العامة <1918م> لاختلاف جنسها عن جنس الروس] الذين هم مليونان لا غير ، ومع هذا قد انفصلوا بعد الحرب وأسسوا جمهورية كسائر الجمهوريات البلطيكية ؛ لأنهم من الأصل لبثوا محافظين على لغتهم وجنسهم .   
وقد عجز الروس من جهة - كما عجز الألمان من جهة أخرى - عن إدخال هذه الأقوام في تراكيبهم القومية العظيمة ؛ لأن كل شعب مهما كان صغيرًا لا يرضى بإنكار أصله ، ولا بالنزول عن استقلاله الجنسي .   
وقد حفظ (الكرواتيون) استقلالهم الجنسي مع إحاطة أمتين كبيرتين بهم هما اللاتين والجرمان .
  وحفظ (الصربيون) استقلالهم الجنسي مع سيادة الترك عليهم مدة قرون .

ولم يزل (الأرناؤوط) أرناؤوطًا منذ عهد لا يعرف بدؤه ، وهم بين أمتين كبيرتين اليونان والصقالبة ؛ أي السلاف .
 وكذلك (البلغار) أبوا إلا أن يبقوا بلغارًا فيما بين الروم والسلاف واللاتين ، ثم جاءهم الترك فتعلموا التركية لكنهم بقوا بلغارًا .   


ولا أريد أن أخرج في الاستشهاد عن أوربة ؛ لأني إن خرجت عن أوربة قالت تلك الفئة الجاحدة :
نحن لا نريد أن نجعل قدوة لنا أممًا متأخرة مثلنا ! فالأمم التي استشهدنا الآن بها كلها أوربية - وكلها متعلمة راقية - وكلها ذوات بلدان ممدنة منظمة ، وكلها عندها الجامعات ، والأكاديميات ، والجمعيات العلمية والجيوش والأساطيل .. إلخ .  


--------------------------------------
من كتاب : لماذا تأخر المسلمون ؟ ولماذا تقدم غيرهم ؟ لأمير البيان شكيب أرسلان رحمة الله تعالى .
دار القلم - الطبعة الثانية ( ص: 87 - 91 )

الخميس، 13 مارس 2014

معركة الفويهات ( 150 أسد ليبي يسحقون 3000 صليبي إيطالي )




فلقد لقي الطليان في هذة الحرب من الأهوال ما لا تتسع لوصفع مقالة أو رسالة , في واقعة واحدة هي واقعة ( الفويهات ) على باب بنغازي ثبت فيها 150 مجاهدًا عربيًا لثلاثة آلاف جندي طلياني من الفجر إلى غروب الشمس إلى أن انقرضوا جميعًا ، إلا أفذاذًا أتى عليهم الليل ، ورجع العدو ولما يموتوا :
وبينما كان العرب في حزن عظيم على مَن فقدوهم في تلك المعركة إذ جاءهم الخبر البرقي من الآستانة عن برقية وردت إليها سرًّا من برلين عن برقية رقمية جاءت من سفارة الألمان في رومية بأنه سقط في هذه المعركة ألف وخمسمائة جندي من الطليان ، وأصاب الجنون سبعة من ضباطه .
وهذه وقعة من خمسين وقعة بالأقل تضاهيها ، فالمسلمون قد قاتلوا في هذه المعركة جيشًا يفوقهم في العدد عشرين ضعفًا وقتلوا نصفه أي قتلوا عشرة أضعافهم ، والله تعالى قد قدر لهم في حال القوة أن يغلبوا عشرة أضعافهم وفي حال الضعف أن يغلبوا ضِعفَيْهم فقط كما قال في سورة الأنفال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } (الأنفال : 65-66 ) .



المصدر: لماذا تاخر المسلمون وتقدم غيرهم لأمير البيان شكيب ارسلان رحمة الله تعالى
دار القلم - الطبعة الثانية ( ص: 38-39)